دار الاوبرا السلطانية.. أوتار تصدح على ضفاف بحر عُمان  

 

مسقط- وجهات | تعد دار الاوبرا السلطانية مسقط، صرح ثقافي شامخ في العاصمة مسقط، حيث يعانق مبناها بحر عمان، يتطيب بريحته، وحين يعزف العازفون ألحان موسيقاهم يتراقص على الضفة الاخرى موج البحر طربا، بالأنغام التي تصدح بين تلك القاعة الكبرى للدار.

وتقام دار الأوبرا السلطانية – مسقط، على مساحة 80 ألف متر مربع، وتشغل الاشجار والمسطحات الخضراء نصف هذه المساحة، وهو ما يوفر اماكن فسيحة للتنزه والجلوس. ويعتبر المشروع فريدا من نوعه على مستوى منطقة الشرق الاوسط، وربما في العالم اجمع، من ناحية المواصفات والتقنية العالية في مجال بناء المسارح الغنائية ونقاء الارتداد الصوتي، وهي تشكل مثالا للنهوض بالفكر والأدب العماني والاهتمام بروائع الفنون العالمية.

الاوبرا٢

وكتبت عنها كاثرين هينيسي، والتي تحمل شهادة الدكتوراه في اللغة الإنكليزيّة مع تخصّص في المسرح الإيرلندي في جامعة نوتردام في الولايات المتّحدة. – تقول: محدِّقاً في السّقوف العالية وخشب السّاج المنمّق ووريقات الذّهب الناتئة، فإنّ زائر دار الأوبرا السلطانيّة في مسقط يُسامح، في زيارته الأولى، إذا ما غفِلت عنه كنوز البهو، الخجولة رغم روعتها. فمع انبهار عينيه لتألّق الدرابزين وصفّ الأعمدة والرّخام المتلألئ، تغيب عنه تلك الآلات الموسيقيّة العتيقة، المصفوفة وراء السلم الرئيسي. من بين هذه الآلات بوقان من السيراميك على شكل تنّين صيني، مطليّان بدقّة فائقة باللون الفيروزي والذهب والياقوت الأزرق، ولهما عنق متعرج وأوجه شعواء. على أن الجائل ذاك، في دار الأوبرا للمرّة الأولى، لا يحظى بأيّ إشارة توحي بما آلت إليه تلك الآلات في أسفارها، أو ما يمكن أن تطلقه من ألحان بين يدي مايسترو. يبدو التنين رمزاً مناسباً لدار الأوبرا في عُمان، لما تكتنفه في مبناها من روعة وغموض في آن معاً. فمنذ افتتاحها في اكتوبر من العام 2011، استضافت الدار عدداً كبيراً من العروض المذهلة، وعدداً من الفنانين ذوي الشهرة العالمية، أمثال بلاسيدو دومينغو، رينيه فلامينغ، أندريا بوتشيلي ويويو ما، كما فرقاً عالمية معروفة للباليه والأوركسترا.

الاوبرا ٣

وتضيف كاثرين، دار الأوبرا السلطانيّة، وبغض النظر عمّا يميّزها من حيث التطوّر التقني للتصاميم الهندسية والإنشائيّة، أو من حيث المعايير الجماليّة لمبناها والحفلات التي يستضيفها، أو حتّى الموارد المتاحة لجذب المواهب الإبداعية، تُعتبر صرحاً استثنائياً ونصباً تذكارياً ضخماً، يشهدُ على شغف جلالة السلطان قابوس بن سعيد، بالموسيقى الكلاسيكية والفنون المسرحية.

وتعتمد دار الاوبرا السلطانية – مسقط، على المعايير العالمية في مجال تقنيات الصوت، كما ان مقاعد الجلوس في قاعة المسرح قابلة للتعديل وفقا لنوعية العرض، سواء كان عرضا اوبراليا ام مسرحيا ام حفلا موسيقيا، وانه يمكن تحريك خشبة المسرح وفقا لعدد افراد الاوركسترا.

وفي حال تقديم عروض موسيقية يتم تعديل المقاعد ليتسع المسرح لنحو 1100 شخص كحد اقصى. ويمتلك المسرح برجا علويا بارتفاع 32 مترا، لتسهيل التشكيلات المسرحية، وبالإضافة الى ذلك يتم استخدام مجموعة من أدوات التقنية الصوتية التي تساعد على امتصاص الارتدادات لتحقيق نقاوة عالية.

يعد مشروع الاوبرا السلطانية في عمان، معلما سياحيا بارزا يجذب السياح من خلال إقامة سوق لعرض الفنون التشكيلية والمنتجات اليدوية والحرفية التراثية، إضافة الى المطاعم والمقاهي وأماكن التسوق. لذلك وضعت سلطنة عمُان من خلال هذا الصرح الثقافي الاستثنائي نفسها، في قمة الدول التي تهتم بالجانب الموسيقي الثقافي العالمي.

إن دار الأوبرا السلطانية في العاصمة العٌمانية مسقط، هي تحقيق لرؤية جلالة السلطان قابوس بن سعيد، وتتمثل رؤيته بالجمع ما بين عناصر متعددة من الإبداع والابتكار في كل من الشكل المعماري والتصميم الهيكلي لهذه الدار الأوبرالية.

إن دار الأوبرا السلطانية – مسقط، بمثابة مركز للتميز وتحقيق التواصل الثقافي العالمي، من خلال تقديم أفضل الموسيقيين والفنانين في العالم، وعرض أشكال التعبير الفني والثقافي وتعزيز الحوار بين الحضارات. ومهمة هذه الأوبرا إثراء حياة الناس من خلال مختلف البرامج الفنية والثقافية والتعليمية وتعزيز القيم الخالدة.»

وقامت دار الأوبرا السلطانية بإطلاق نموذج برنامج متكامل للعلوم الإنسانية، خلال شراكتها مع معهد «آسبن» العالمي في واشنطن العاصمة المعني بالثقافة والمجتمع. وترنو من هذه الشراكة الى تحقيق رؤية واضحة، وتتمثل في خلق فرص جديدة للشباب العٌماني، كما انها تمكن دار الأوبرا السلطانية – مسقط، من الاستفادة مما يقدمه المعهد في ما يتعلق بالاتصالات المهنية التي يستفيد منها الفنانون المحليون».

بعيدا عن الجوانب الإبداعية للمشروع هناك أيضا صناعة سياحية مزدهرة بدأت تتمحور في سلطنة عُمان، واصبحت الاوبرا السلطانية أول مبنى مخصص للحفلات الموسيقية في البلاد، وتأمل الحكومة العُمانية في جذب الفنانين العالميين الرئيسيين الى سلطنة عمان.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*