باحثون: أقدم دار إسلامية لسك النقود في جزيرة العرب كانت في عُمان

البنك المركزي يستقصي تاريخها

مسقط – العمانية | تهتم الشعوب عادة بتاريخ نقودها لأنها جزء من تاريخها وشاهد حي على تطورها . وساعدت النقود بما تحمله على وجهيها من أسماء وتواريخ وعبارات الباحثين والمؤرخين في حل الكثير من المعضلات التاريخية وما يتصل بتاريخ الأشخاص والأمم والشعوب اذ يمكن لعملة معينة أن تغير الكثير من حسابات المؤرخين وتجعلهم يعيدون قراءة التاريخ من جديد .

توثيق
وقد وثق البنك المركزي العماني حكاية النقود في عمان من خلال كتاب يستقصي تاريخها منذ القدم وحتى عصر النهضة المباركة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ” حفظه الله ورعاه ” فيما أنتج تلفزيون سلطنة عمان فيلماً وثائقياً عن تاريخ النقود بدءا ب” القون ” القديمة وانتهاء بالعصر الحديث.
ويذهب الكتاب الى أن أقدم قطعة نقدية عرفت في جزيرة العرب، تعود إلى عهد الخليفة الأموي
عبد الملك بن مروان في العام 700 ميلادية ، وهي درهم فضي سك فيه اسم عُمان الأمر الذي أوصل الباحثين في علوم التاريخ إلى القول أن أقدم دار إسلامية لسك النقود في جزيرة العرب كانت في عُمان . وهذه العملة هي أول أثر مؤرخ من بين الآثار المعدنية أو الحجرية أو حتى الخشبية أو الورقية التي تحمل اسم عُمان .. كما أنها أول قطعة معدنية إسلامية مؤرخة في شبه الجزيرة العربية . وتحدث الكتاب كذلك عن درهم آخر نادر جداً ضرب في عمان في العام 90 هجرية لكنه لا توجد إشارة تاريخية إلا لاثنين منه.
وطبعت على الدرهمين نقوش متعارف عليها في العملات الأموية التي سكت في فترة ما بعد الإصلاح الذي حدث في أسلوب الضرب ويظهر في وسط الوجه نقش لشهادة التوحيد وفي الجوانب عبارة ” بسم الله ضرب هذا الدرهم بعمان في سنة إحدى وثمانين أو تسعين” ويبدو الدرهم في حجم العملة المعدنية التي تستخدم في السلطنة اليوم من فئة ” الخمسين ” بيسة.

القطعة الثانية
أما القطعة الثانية فتقول المصادر إنها إصدار غير معروف أنه من عمان ويعود تاريخها إلى سنة
151 هجرية ويختلف ترتيب كلمات شهادة التوحيد المنقوشة على وجه العملة اختلافاً ضئيلاً عن العبارة الموجودة على العملة السابقة، ففي هذه العملة كتب على ثلاثة أسطر عبارة ” لا إله إلا/ الله وحده لا/ شريك له” وتوجد تحت شهادة التوحيد نجمة بخمسة رؤوس محاطة بكرة صغيرة من كل جانب.
أما النقش فهو محاط بحاشية من ثلاث حلقات مزدوجة صغيرة وتظهر في وسط ظهر العملة عبارة ” محمد رسول الله”. مع عبارة “بسم الله ضرب بعمان سنة احدى وخمسين ومئة” على الحاشية، تتبعها كلمة غير مقروءة. وما يلفت النظر هنا أن هاتين العملتين صنعتا من النحاس، الأمر الذي يؤكد أنهما سكتا في صحار، المدينة المعروفة تاريخيا بصناعة النحاس . وقد ظهرت في القرن الرابع الهجري الدنانير الذهبية لأول مرة في تاريخ النقود العمانية الأمر الذي عكس الازدهار الذي كان يعم عُمان في تلك المرحلة، ورغم ذلك ظلت الفضة تمثل المعدن الشائع في سك النقود حتى الربع الأخير من القرن الرابع إلى أن قل استخدامها بعد عام 386 هجرية كما تؤكد الدراسات التاريخية.

دار الضرب
وكشفت نقود تعود إلى القرن الرابع الهجري وجدت في عمان عن درهمين ضربا في عُمان، الأول يحمل اسم ( عبد الحليم بن إبراهيم ) ، وقد ضرب عام ثلاثمائة وثلاثة عشر هجرية، بينما ضرب الثاني؛ عام ثلاثمائة وستة عشر هجرية، ويحمل اسم ( أحمد بن هلال ) .
وقد نشطت دار الضرب خلال القرن الرابع الهجري حيث كان يوسف بن وجيه والياً للعباسيين على عُمان وظهر اسمه لأول مرة على المسكوكات في العام ثلاثمائة وسبعة عشر هجرية. وتظهر الدراسات التي تؤرخ للنقود في عمان أن البرتغاليين لم يضربوا نقودهم في عمان كما فعلوا في مستعمراتهم الهندية .
وظهرت في العصر الحديث أول عملة تحمل اسم دار الضرب مسقط وذلك في عهد السلطان فيصل بن تركي الذي قرر أن يكون لمسقط دار ضرب خاصة بها.
وتألفت العملة من فئتين هما البيسة والغازي ونقش على الوجه صورة السلطان فيصل بن تركي إمام مسقط وعمان وتاريخ ألف وثلاثمائة وأحد عشر هجرية. وبدا أن دار الضرب كانت تعمل بطرق بدائية الأمر الذي انعكس على النقود، التي كانت تعد على شكل صفائح نقدية في مكان غير مسقط .

” س س ”
ومع بداية عهد السلطان سعيد بن تيمور عام 1932 أمر بنقش الحرفين ” س س” على نقود معدنية أمر بشرائها من دار الضرب في بومباي لتشكل عملة ثانوية لدولار ( ماريا تريزا ) وهذه العملة من فئة البيسة وهي مؤرخة بتاريخ 1315 هـ .
وفي عام 1367هـ / 1948م طلب السيد سعيد شراء أول عملة فضية لظفار حيث كان يقيم وذلك من دار الضرب في بومباي، مع بعض القطع الذهبية. وكتب على العملة الفضية التي كانت من فئة نصف ريال ظفاري ” السلطنة السعيدية”. وفي وقت لاحق أصدر السلطان سعيد بن تيمور نقوداً حربية لم يتم التداول بها إطلاقا .. وفي عام 1958 أمر السيد سعيد بإصدار عملته الأولى المماثلة لحجم الدولار، وهي الريال السعيدي. وفي العام تسعة وستين أصدر العملة السعيدية الجديدة على شكل أوراق مالية ونقود معدنية لاقت إقبالاً واسعاً في جميع أنحاء عمان. وقد بدأ التداول فيها قبل شهرين فقط من تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ـ مقاليد الحكم في البلاد، وكانت تلك العملة مكونة من ست فئات من الأوراق المالية وعدد مساو من النقود المعدنية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*