سوق الرستاق ..قصة حضارة ووجهة سياحية

الرستاق -العمانية | يعتبر سوق الرستاق من أقدم أسواق السلطنة وأبرزها فقد كان بمثابة السوق المركزي للمحافظة والولايات المجاورة ، وهو معلم مهم يقصده المواطنون من كل مكان ووجهة لكل بائع ومتسوق، ويزخر بوفرة البضائع التي يحتاجها المواطن العماني في حياته اليومية، وفي الوقت الحاضر إضافة إلى أهميته التجارية والاقتصادية يعد وجهة سياحية بالولاية بجانب قلعة الرستاق التاريخية.

كان سوق الرستاق الذي يطلق عليه محليا (أبو ثمانية) قديما منفذاً هاماً للبضائع الواردة من ولايات الباطنة الساحلية التي تزخر بالمنتوجات البحرية من أسماك طازجة وأسماك مجففة وغيرها، وكانت تأتي الفواكه والمنتجات الموسمية من الجبل الأخضر الذي يتميز بمنتجات مثل الرمان والجوز واللوز والخوخ والمشمش، ويلتقي الباعة والمشترون من الساحل والجبل فيتبادلون المنتجات بسوق الرستاق، ليشتري اهل الجبل الرطب والتمور والأسماك المجففة التي لا تتوفر في الجبل الأخضر وكذلك يقوم أهالي المناطق الساحلية بشراء منتجات الجبل التي لا تتوفر معهم .

١الرستاق
كما تنشط في ولاية الرستاق زراعة الحبوب كالذرة والقمح والحمص واللوبيا والثوم والبصل وغيرها من المنتجات ليجد المشتري وصاحب التجارة ايضا حاجته في هذا السوق ، وكان الناس يأنسون عند الذهاب للسوق ليس للتسوق فحسب وإنما للتنزه ولسماع الأخبار الجديدة التي تعلن في السوق حيث لا توجد وسائل للتواصل ومعرفة الاخبار غير هذا السوق .

إعادة بناء

وفي العصر الحديث شهد السوق إعادة بناء روعي فيه جانباً من نمط العمارة العمانية القديمة حيث كان السوق يحتوي على تقسيمات جميلة وكل زاوية منه تحكي قصة بأكملها و يحكي تاريخ أمة وحضارة وكان متنفساً لكل أبناء الولاية و مدرسة للصناعات والحرف اليدوية توارثوها جيلاً بعد جيل، فقد كان السوق يعج بالحركة من شروق الشمس وحتى غروبها، وكانت لكل شخص فيه ذكريات جميلة سواءً مقيماً أو زائراً .
حمدان بن سيف الضوياني عايش السوق منذ طفولته ولآبائه وأجداده قصصٌ ترويها زوايا السوق فيقول : لقد كان لسوق الرستاق تنظيم إداري لا يوجد في بقية الأسواق ، إذ توجد به إدارة وتنظيم وعلى رأسها شخص يلقب محليا بـ (الوزير) مهمته الإشراف والتنظيم والبحث إذا أراد شخص لا يعرف نظام السوق أن يبيع سلعته في السوق فعلى (الوزير) أن يعرفه بالدلال واصحاب المحلات والتجارة ، وكذلك من مهامه حل الخلاف الذي ينشب بالسوق وإن لم يستطع حله يرسل الخصمان إلى الوالي أو القاضي، كما يقوم بتنظيم اوقات البيع والشراء.

الرستاق

أبو ثمانية
سوق الرستاق ( ابوثمانية ) له ثمانية أبواب لكل باب منها مسمى ولذلك سمي بهذا الاسم، (الباب الاول ) يسمى باب عيني أو باب الصايغي أو الباب الغربي ويقابله باب آخر . (والباب الثاني ) باب السفائل ويقصد به سفائل الرستاق أو باب الغشب ويقابله باب آخر ولكن المسافة بينهما قصيرة لا تزيد على (15) متراً. و(الباب الثالث) باب القلعة أو الحصن ويقابله باب آخر ، (والباب الرابع) الباب الشرقي ويعرف بباب العلاية أو باب الشرجة الشرقي ويقابله باب آخر ، ولوجود هذه الأبواب الثمانية عرف السوق بهذا الاسم . داخل السوق او مركز السوق خصص للبيع بالجملة وهو عبارة عن أجنحة ويقع داخل الأبواب الأربعة وهو مسقف بالكامل وكل سكة بها عدد من الدكاكين وهذه الأربع السكك تلتقي في موقع مكشوف من أجل الإنارة، وهناك موقع المشرف في الطابق الثاني ولكن فيما بعد قد تهدم ولم يعاد بناؤه وبقيت آثاره لفترة من الزمن، وهناك دكاكين أخرى خارج المركز بالجانب الشمالي الغربي تتركز على الحائط أو سور السوق وأغلب هذه الكاكين للبيع بالتجزئة.

ويوجد بسوق الرستاق (ابو ثمانية) “عرصات السوق” أول عرصة يتم بها البيع وهي “عرصة القت” ويبدأ البيع فيها من الساعة الثامنة صباحاً، والمشرف على هذه العرصة شخص يدعى محليا “النمرود” يقوم بتنظيم البيع وتقدير الوقت ويباع القت بالمن أو القلة، وكذلك يتم البيع بالعكمة والعكمة هي (حمولة الحمار) وتتراوح ما بين (15 إلـــى 20 منَ ) وتقع العرصة شرق باب الغشب أو السفايل تقريباً .

عرصة السمك

عرصة السمك” أيضاً تبدأ المناداة تقريباً الساعة 10 صباحاً أو أقل أو أكثر حسب ما يقرره الشخص الملقب بالوزير ويتم البيع بالجملة أو مفرداً بالحبة، ثم يتم البيع بالتجزئة بالربع. “عرصة الحبوب” أو البقوليات وهي لبيع الدنجو والغرغر والجلجلان وأيضا الثوم والبصل والعوال والدوك وهو نوع من المحاريات المجففة،
وتقع العرصة وسط السوق وفيها تباع هذه البضائع قبل صلاة الظهر، أما بعد الصلاة فيتم بيع العيش ( الارز ) إن وجد .
“عرصة القاشع” وهي لبيع أسماك السردين والأسماك المجففة ، وتوجد العرصةعند البرج الشرقي الشمالي الحالي ويكون وقت البيع بعد صلاة الظهر، وتوجد هناك دكاكين وهي عبارة عن مخازن للأسماك المجففة .
“عرصة البقر” تقام أيام الأعياد وتقع بالجانب الشمالي غرب عرصة القاشع ويتم البيع فيها بعد صلاة العصر أما الثيران فتباع في الباحة التي تقف بها السيارات ، وهناك توجد ركائز لربط الثيران والبيع يتم بعد صلاة العصر وهذا فقط أيام الأعياد. “عرصة السح” وهي للتمر أيضاً تقع في الجنوب مقابل باب الحصن وتتم المناداة بعد صلاة العصر ، ولعل الشيء الوحيد الذي تم تحديده القعد والدلالة على الجراب (20 بيسة ) والقعد يقصد به الضريبة ، أما العسل فلا توجد به عرصة بل يتم البيع بطريقة المزايدة وبالمن يحمل الدلال “الجـــر ” ويمر به أمام الدكاكين وعندما يرسو البيع يتم وزن العسل . كما توجد بالسوق أماكن مخصصة لصناعة وبيع “الحلوى العمانية” وعدد المحلات المخصصة لبيعها مابين 4 إلى 5 محلات.

الدلالة
ويمتاز سوق الرستاق بنظام (الدلالة) وأغلب الدلالين يتجمعون وقت الصباح في الطريق الذي يؤدي إلى السوق ما بين طوي السد وطوي الحارة وكل دلال ينتظر أصحاب الجمال أو الحمير حاملين بضائعهم ومتجهين إلى السوق , وهناك محطة خاصة للذين يأتون من محافظة الداخلية . وكان قديماً يتم تداول قرش الفضة وهو العملة الرئيسية بالسوق و تتراوح قيمة القرش ما بين 120 بيسة أو أكثرأو أقل والتي صدرت في عهد السيد فيصل أو تركي أو برغش البوسعيدي .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*