بقلم: د. حمد بن إبراهيم العزري | حتى الآن، ناقشت هذه السلسلة العديد من الجوانب المتعلقة بتأثيرات جائحة كوفيد-19 على قطاع السياحة العماني، وما تم تقديمه من تأثيرات على هذا القطاع بشكل عام وآليات التعاطي مع بعض جوانبه. هذا المقال سوف يركز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع السياحة. المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي العمود الفقري لصناعة السياحة في العالم والوجه الحقيقي للمزارات والدول، وتكون عادة أكثر مرونةً وإبداعاً وقرباً من الزبائن. ولكن طبيعتها من حيث الضعف النسبي للسيولة المالية واعتمادها الكبير على الدخل المباشر للموسم السياحة وقلة باعها في الإطلاع على تغييرات الأسواق العالمية، فإنها أصبحت من أكبر المتأثرين بالجائحة. فقد أدى نقصان عدد المسافرين – وبخاصة الدوليين – إلى الإضرار بها وإلى نقصان حاد في مدخولاتها وإفلاس العديد منها. ومع حتمية الوضع السيء الذي نمر به، وتوقع استمرار الجائحة لعدة شهور اضافية على الأقل، فمن المهم أن يكون للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع السياحي خطة عمل تسويقية مناسبة للصمود في مواجهة الأزمة. ويفضّل أن تكون هذه الخطة ذات ثلاثة مراحل زمنية أساسية: المدى القريب، المدى المتوسط، والمدى البعيد. أولاً، المدى القريب (بداية الموسم السياحي)، ويكون هدف المؤسسة هو الصمود واستيعاب الصدمة الأولى للأزمة. وللتمكن من ذلك، يمكن اتباع التوجيهات الآتية:• تخفيض النفقات.• استغلال الوقت في تحسين الخدمة.• حسن التعامل مع الحجوزات الملغاة وعدم عرقلتها.• أخذ الاحترازات الصحية المعروفة واتباع سياسات اللجنة العليا بالسلطنة.• الإطلاع على خطة مجلس السفر والسياحة العالمي لـ”السفر الآمن” (WTTC: Safe Travels Global Protocols) والبدء بتطبيق توصياتها.• الترويج المُطَمْئِن: بالإضافة إلى الترويج للمنتج أو الخدمة، يجب طمأنة العملاء بالتحدّث عن إجراءاتك الصحية. ثانياً، المدى المتوسط (ذروة الموسم السياحي)، ويكون هدف المؤسسة هو استغلال ما أمكن من أعمال وأرباح الموسم، وذلك من خلال:• عمل تعديلات على المنتج أو الخدمة، بحيث تكون الاحترازات الصحية واضحة ومتغلغلة، وبحيث يتم محاولة التجاوب مع التغييرات الطارئة على السوق.• يُنصح بتقديم ملف طلب للحصول على “ختم السفر الآمن” من المجلس العالمي للسفر والسياحة. (WTTC: Safe Travels Stamp)• التركيز أكثر على السوق المحلية وثم الإقليمية. حيث تشير الإحصائيات الدولية أن تأثر هذه الأسواق بالجائحة أقل بشكل واضح من نظيراتها الدولية.• تبني توجّه ترويجي ثلاثي: تميّز المنتج، وقيمة السياحة في هذا الوقت (الراحة، التنشيط، الصحة النفسية)، والطمأنة بشأن الاحترازات الصحية المتبعة (وخاصة إذا حصلت على “ختم السفر الآمن”). ثالثاً، المدى البعيد (بعد الموسم السياحي والفترة التي تليه)، ويكون يكون هدف المؤسسة هنا هو الاستعداد لما بعد جائحة كوفيد-19، وذلك من خلال:• دراسة السوق الحالية عن طريق مراقبتها والتواصل الدائم مع الزبائن.• الإطلاع على التغييرات في سوق السياحة العالمي، وذلك بقراءة منشورات منظمة السياحة العالمية والمجلس العالمي للسفر والسياحة والمجلات والمواقع المتخصصة. ويكون التركيز على توجهات أنماط السياحة وعلى توجهات الأسواق العالمية.• مراجعة استراتيجية المؤسسة: الرؤية، والسوق المستهدفة، والمنتجات، والشركاء• في حالة قرار التوجه نحو أسواق جديدة: يجب البدء في تصميم المنتج والتجربة السياحية.• النظر في تعديلات تسويقية محتملة: الهوية التجارية وخطة الترويج للمستقبل. وهكذا يتضح أن مع كون الجائحة شديدة وصعبة التوقع، فمن الضروري على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التعامل معها بروح المبادرة وبنظرة استراتيجية أكبر وباستمرار المراقبة والدراسة. والله ولي التوفيق.