بقلم: د. ماجدة بنت حمود الصلتية | تعد إدارة الأزمات والكوارث في عالم المتغيرات والأحداث المفاجأة من الأساسيات لحماية الأرواح والممتلكات وتعزيز مرونة المجتمع. ونظرا للطبيعة المعقدة التي تتسم بها الأزمات والكوارث وجب الاستعداد لها للحد من تأثيرها قدر الإمكان عند حدوثها. وبالرغم من امتلاك العديد من الدول للموارد والإمكانيات لمواجهة الاحداث إلا أنها بحاجة ماسة إلى تعزيز المرونة المجتمعية والمؤسسية للصمود أمام الأحداث وخاصة المتكررة. وإذا ما تحدثنا عن المرونة فهي حسب الاستراتيجية العالمية للحد من مخاطر الكوارث ” قدرة المنظومة أو التجمع العمراني أو المجتمع المعرض للخطر على المقاومة والامتصاص والاستيعاب والتعافي من آثار الخطر بالوقت المناسب والأسلوب الفعال بما في ذلك من خلال الحفاظ على وترميم منشآته الأساسية والخدمية”. وباختصار تندرج مرونة المجتمعات والمؤسسات حول قدرتها على امتصاص الاضطرابات وقدرتها على التنظيم الذاتي والتكييف مع الاجهاد والتغيير. وكلما كانت لدى الوجهة السياحية مرونة عالية كلما كانت قدرتها على التعافي أسرع والتعافي هنا حسب الاستراتيجية العالمية للحد من مخاطر الكوارث هو “الترميم والتحسين، عند اللزوم، للمنشآت وسبل المعيشة والظروف الحياتية للمجتمعات المتأثرة، بما في ذلك بذل الجهود للحد من عوامل مخاطر الكوارث”. إن بناء مرونة القطاع السياحي تبدأ من مرحلة ما قبل حدوث الأزمة من خلال تقييم المخاطر المحتملة وتصنيف احتمالية حدوثها (عالية، متوسطة، منخفضة) وكذلك تحديد مستوى التأثير. واتباع استراتيجيات للتخفيف من حدة تأثير المخاطر المحتملة وآلية التنبؤ بها واستخدام الإنذار المبكر. فهناك حاجة لأن يكون للقطاع السياحي خطط طوارئ مكتوبة وقابلة للتطبيق تحوي على الإجراءات اللازمة للاستجابة لحالات الطوارئ استجابة فعَّالة وتخفيف حدة المخاطر المستقبلية، ثم التدريب عليها من خلال اشراك أصحاب المصالح. كما ينبغي للقطاع السياحي لتعزيز مرونته عقد دورات تدريبية وروش عمل للمعنيين في قطاع السياحة لرفع وعيهم وتعزيز معرفتهم. بالإضافة إلى تكوين شبكة من العلاقات مع وبين أصحاب المصالح والمؤسسات التي تسند القطاع السياحي في التعامل مع أي أزمة محتملة لاسيما خدمات الطوارئ، بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية. كما أن هناك حاجة ماسة لإنشاء منصة مركزية لتبادل المعلومات مع جميع المعنيين في قطاع السياحة لتكون هذه الجهات مستعدة للتعامل مع الحوادث المستقبلية. وباختصار لتعزيز مرونة القطاع السياحي هناك الحاجة إلى التكامل الضمني بين مؤسسات القطاع السياحي والتكامل البيني بين قطاع السياحة والمؤسسات المعنية بخدمات الطوارئ. وإذا ما وجهنا الحديث حول جائحة كورونا والتي تعتبر أزمة استثنائية لها طابع مختلف عن باقي الأزمات فإن المرونة في التعامل معها مطلوبة بقدر صعوبة تطبيقها. فحاجة القطاع السياحي للتعافي أصبحت ملحة في وقت أصبحت جميع المقاصد السياحية متساوية من ناحية التأثير. فجميع المقاصد السياحية التي كانت تستقبل آلاف أو ملايين السياح أصبحت اليوم مغلقة والتي يمكن أن تعتبر فرصة لظهور مقاصد سياحية على غيرها حسب مرونتها وقدرتها على التنظيم الذاتي والقدرة على التكيف في ظل التأثيرات. وهنا بالنسبة للقطاع السياحي هو امكانية عودته مجددا لاستقطاب السياح سواء كان عن طريق تطبيق استراتيجيات تسويق جديدة أو عن طريق تغيير السوق المستهدفة أو المنتجات السياحية أو تطبيق سياسات احترازية تطمئن السائح فكل ما سوف يبحث عنه السائح هو الطمأنينة بأن المقصد السياحي خال من انتشار الفيروس وأن الإجراءات المتخذة في البلد تحول دون انتشاره مجددا وأن السائح سيخوض تجربة سياحية جميلة بعد الجائحة. فإن اعتماد السياح على السفر مستقبلا سيكون على الاستفادة من تجارب الآخرين ولذلك على الوجهات السياحية الاستفادة من المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي لنشر تجاربهم وبث الطمأنينة لأكبر شريحة ممكنة. كما يجب على المعنيين في قطاع السياحة تنظيم رحلات تعريفية للسياح الدوليين لتثقيفهم حول الإجراءات المتبعة في حالة وقوع أية حوادث. ويتوجب القيام بهذا الأمر بغية ضمان استمرارية العمل وتعزيز سمعة الوجهة السياحية.