بقلم: د. رجب بن علي العويسي | مع القناعة بأن منظورنا السياحي ينبغي أن يتجه اليوم إلى تعزيز التنوع والاستدامة في الوصول إلى منجز سياحي قادر على تلبية الاحتياج، وتحقيق مساحات ترويحية مناسبة يشعر فيها المواطن بالأمان والاستقرار النفسي، إلا أن المسألة السياحية نفسها تمر أحيانا بحالات من النشاط والفتور في أحيان أخرى، تحكمها طبيعة الظروف والعوامل المؤثرة.
ولعلنا ندرك جميعا أن هذه الفترة من العام تتميز بأجوائها الشتوية المعتدلة في أكثر الأحيان في ظل ما تتمتع به السلطنة عامة من أجواء هادئة ونظيفة، تمنح السائح والزائر لها ذائقة جمالية وترويحية استثنائية، لقضاء وقت ممتع فيها.
وكون هذه الفترة تتوافق مع فترة الإجازة نصف السنوية لطلبة المدارس وبعض مؤسسات التعليم العالي، فإنها تمثل موسما ترويحيا مناسبا بكل المقاييس، وتتطلب المزيد من الجهود والتنسيق بين المؤسسات المعنية بالسياحة أو تلك المؤسسات الداعمة لها في سبيل استغلال هذه الفترات في تنفيذ برامج الترويح السياحي والمناشط السياحية الداخلية على مستوى الولايات، واستغلال البيئات الحالية كالمتنزهات العامة أو المراكز الترفيهية البلدية، أو بعض البيئات السياحية المعروفة في الولاية لتنفيذ برامج الترفيه السياحي بها، وفرصة لمشاركة الأهالي والمدارس والإدارات والمراكز الحكومية ومراكز التسوق والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ بعض البرامج الترفيهية والمهرجانات السياحية والثقافية التي تستهدف توفير محطات مناسبة لطلبة المدارس وغيرهم للاستمتاع بالعروض الترفيهية والألعاب الشعبية وغيرها من الفنون التراثية والتاريخية وبعض المعارض الاستهلاكية ومنتجات أبناء الولاية.
على أن الاهتمام بحضور هذه المواسم في الخريطة السياحية الوطنية، سوف يحقق الكثير من الأبعاد الاقتصادية والثقافية والترويحية، فمن جهة مدخل لتعزيز مفهوم الاستدامة السياحية والتي يستشعر فيها المواطن والمقيم، حضورها في ثقافة المؤسسات، ووجودها في أجندة النشاط السياحي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيولد لديهم شعورا إيجابيا بقيمة هذه المواسم باعتبارها فرصا مناسبة لبناء محطات ترويحية تستهدف سعادة المواطن، ومن جهة أخرى تشكل فرصة مناسبة لاستغلال إجازة الطلبة في التعرف على التنوع الثقافي والبيئي الوطني والعيش في بيئات سياحية نموذجية مصغرة، فيُقبل أبناء المجتمع عليها بصدق مشاعرهم ويستشعرون قيمتها في ذواتهم ويقابلونها بالمزيد من الاهتمام والحرص والتقدير، خاصة في ظل ما تحويه من تنوع في الأنشطة والبرامج الثقافية والترفيهية والألعاب والمعارض الانتاجية والاستهلاكية، كونها فرصة لتوثيق صلة فئات المجتمع بتراثهم وتعزيز معرفتهم بفنون المجتمع وتراثه المادي منه وغير المادي.
أخيرا فمع التقدير لجهود بلدية مسقط في تنفيذ مهرجان مسقط السياحي في هذه الفترة من العام باعتبارها موسما سياحيا من الدرجة الأولى، فإن المأمول أن تستثمر هذه الفترة أيضا على مستوى الولايات الأخرى – وليكن البعيدة عن مسقط- عبر تنفيذ مهرجانات سياحية مصغرة، فهل ستثمر الجهود القادمة عن مبادرات سياحية تتبناها الجهات المختصة أو القطاع الأهلي والخاص في تقديم صورة نموذجية لاستغلال المواسم السياحية في إطار بناء الاستدامة وما تتميز بها أجواء السلطنة من فرص سياحية متنوعة لتشكل بدورها رصيدا ثريا للمجتمع ومدخلا مهما في سبيل تعزيز قيمة السياحة الداخلية في ذات المواطن ويستشعر حضورها في حياته اليومية.