مقال| “هنا عُمان”

يكتبه: حمدان البادي|

 اعادتني أغنية “هنا عُمان” التي أنتجتها “عمانتل” إلى صدى الأعياد الوطنية في سلطنة عُمان وروح الانتماء، حيث الوطن ينبض في كل مكان على إيقاع الألحان الوطنية، لإيجاد مساحة من الفرح نعيد فيها تشكيل وعينا بالوطن، وترسخ فينا مشاعر الولاء والحب لعُمان، الأرض التي نعيش فيها وتعيش فينا. 

بدأ يتشكل أول إدراكي للعيد الوطني في وقت مبكر من عمري كان الوطن يومها يحتفل بالذكرى الخامسة عشر حين جاء جارنا سالم بن عبدالله “يرحمه الله”، ليوزع على أهل القرية هوية العيد الوطني، لا يزال المشهد في الذاكرة على الرغم من أنني لا أذكر- من ذلك المشهد- إلا لحظة استلام “التذكارات” كانت بشكل دائري أبيض يزينه رقم 15 بألوان العلم للذكور، وللنساء أضيفت له ورقة خضراء بدائرة أصغر حجماً، لا أذكر ما حدث في الأيام التالية وكيف احتفلنا في وقتها. 

في سنوات المدرسة -وتحديدا- في الصف الثاني الابتدائي، العام الذي أنشئ فيه مبنى ثابت وحديث لمدرستنا- مدرسة جعفر الطيار – ساهمت بـ 200 بيسة كما فعل جميع الطلاب لشراء قطع من القماش بألوان العلم وقطعة صفراء قمنا بتشكيلها على شكل مثلثات ربطت بحبال لتزيين ساحات المدرسة في شهر نوفمبر.  

رافقتني تلك الأعلام حتى تخرجت من الإعدادية وفي كل عام كنت كسائر الزملاء نشعر بالزهو إذ كنا جزءاً من هذه الاحتفالية، لذا؛ حين يحل نوفمبر كان الثامن عشر من نوفمبر عيد حقيقي. كان العيد في مدرستنا قصائد وألعابا شعبية ورزفة حربية لا تخلو من هذا البيت ” الوطن غال يالغالي يبغى ناس (ن) يروفوبه” إلى جانب لعبة الكراسي التي ندور فيها على إيقاع أغنية ” عين ميم ألف نون اسم بلدنا، بلدنا الحبيبة عُمان “ربما لسهولتها بالنسبة لنا.

 الأغاني الوطنية، موسيقى تصاحب أعيادنا الوطنية، مشاعر وأحاسيس توثق لحظات الفرح ورسائل نقف على إيقاعها لنجد العزم أن نجد ليبقى الوطن عاليا وأن نستشعر نعمة عُمان ونحن ننتشي على إيقاع الحركة التي يرسمها أفراده، حتى وإن كانت على لعبة البالونات، أو نفخ الطحين، إنها إيقاعات القلب حين ينبض بحب عُمان. 

في البيت، كنت أستل ورقة مخططة من دفتر المدرسة وأرسم عليها علم عُمان بألوان خشبية. لم تكن الألوان تظهر بوضوح بسبب خطوط الصفحة، لكنها كانت في عينيّ أجمل علم، وفي قلبي زاهية بجمالها الحقيقي.

 كان ذلك الرسم البسيط بمثابة وعد للطفل الذي كنت عليه أن يظل مخلصا لهذا الوطن. اليوم، حين يحل نوفمبر، يعود كل شيء إلى الذاكرة؛ الأعياد، الأعلام، الأغاني، وحتى ذلك الرسم المتواضع الذي كنت أراه علما حقيقيا. 

العيد الوطني لعُمان ليس مجرد ذكرى، بل هو محطة نجدد فيها ولاءنا، نعيش فيها بهجة الوطن ونستشعر عظمته. استشعر نعمة عُمان وأمنها وأمانها واعلم ذلك لأطفالي، نزو معالم عُمان السياحية ونستمتع بالإجازة الوطنية ونحن نتوشح بألوان العلم وفي القلب فرحة بوطن يحتفل بتاريخه وأمجاده..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*