بقلم:حمدان بن علي البادي | الحمراء، ولاية استثنائية وقبلة السياحة المحلية ووجهة السياح الأولى، لا يختلف عليها إثنان في ذلك، والسر يعود إلى الوعي المجتمعي الكبير من قِبل الأهالي وقاطني الولاية بضرورة الإستفادة من المقومات الطبيعية وتعزيزها بمشاريع محلية تخدم السياحة ويقوم عليها شباب الولاية، لذا استحقت أن تكون محطة سياحية لزوار السلطنة من الداخل والخارج.
هذا الوعي المجتمعي لايزال أحد المعوقات الرئيسية في الكثير من القرى والولايات العمانية، وما يبديه بعض أفراد المجتمع من رفض أو تحفظ على تنفيذ أي مشروع سياحي يعود عليهم بالمنفعة ووقوفهم ضد أي محاولة للتطوير أو تعزيز الخدمات السياحية، لذا لا عجب إن عرفنا عن قرى سياحية لا تزال خارج أجندة السياحة قرى غير معروفة سياحيا وأهلها يرفضون دخول السياح لها حتى لا يتم العبث بممتلكاتهم الخاصة، والبعض الآخر عيونهم اعتادت على المكان فلا يرونه جميلا أو مؤهلا ليكون مكانا سياحياً لاستقطاب السياح لذا يطاله الأهمال ولا يلتفت إليه أحد.
وهنا أذكر في إحدى الواحات الزراعية الجبلية بادر أحد شبابها بتقديم مقترح لإعادة ترميم وصيانة القرية المبنية من الطين وإعادة بنائها بنفس الطابع والتصميم لتكون نُزلا سكنيا يستقطب السياح لزيارة الواحة والإستفادة من مقوماتها الطبيعية، وقد إستجاب معه البعض على أن يتحمل تكلفة الترميم ويحتفظون هم بحقوق الملكية، وفي المقابل أيضا رفض بعض الملاك الفكرة وسعوا جاهدين ليحولون دون تنفيذها، ومات المشروع قبل أن تكتمل صورته النهائية.
وحين نقول أن الحمراء استثناء فإن ذلك يعود لمبادرات الشباب في الاستثمار السياحي في أكثر من مشروع وهناك الشركة الأهلية لمسفاة العبريين التي تعمل على استثمار جزء كبير من مشاريعها في قطاع السياحة والأهم من ذلك أن أهلها يرحبون بالسياح ومستعدين لتقديم الخدمات السياحية وينبهون من يحتاج إلى تنبيه عن بعض التجاوزات وهذا طبيعي للحفاظ على طابع القرية.
وتمكن شباب الحمراء من إقامة عدد من النزل السياحية في الولاية وتحديدا في جبل شمس ومسفاة العبريين والقيام بتعزيزها بمجموعة من الخدمات السياحية التي يديرها شباب الولاية وإعادة إحياء المسارات الجبلية القديمة وتأهيلها بالعلامات الإرشادية وتأهيلها بكوبل التسلق الجبلي المعروفة “بالفيا فراتا” والإرشاد السياحي وبيوت الشباب إلى جانب أن الحمراء أصبحت وجهة لاستضافة عدد من الأنشطة السياحية لعل من أهمها ما شهدته الولاية في الأشهر الماضية من استضافة مسابقة “ريد بول لقاهري التلال” بمشاركة دولية وتحدّي الجري الجبلي العالمي (ألترا تريل مون بلان) بمشاركة 455 متسابقا يمثلون 56 دولة وبطول137 كم، حيث كانت ولاية الحمراء أحد محطات هذا السباق.
بالطبع هناك استثمار حكومي كبير في الحمراء، وأيضاً استثمار من بعض الشركات وبشراكة مع مستثمرين من الولاية، كلها عوامل تظافرت لتجعل من الحمراء ولاية استثنائية في قطاع السياحة وتجربة نموذجية جديرة بأن يقتدى بها وتعمم على عدد من الولايات الأخرى، وللمجتمع دور كبير في اكتشاف المقومات الطبيعية المحيطة بهم والترويج عنها كمزارات سياحية وأصحاب المكان هم الأعلم عن غيرهم بالمكان وهم أولى بإيجاد الفرص الاستثمارية التي بنفعها يستفيد الجميع وللشركات الأهلية دور كبير في الاستثمار في هذا القطاع وتطوير متى ما سمح المجتمع لهم.