بقلم: د. رجب بن علي العويسي | ينطلق تناولنا للموضوع من القناعة بأهمية وجود مدونة لقواعد السلوك الأخلاقي السياحي، وما قد يشكله وجود هذه القواعد السلوكية والمعايير الأخلاقية من أثر إيجابي في تعزيز الوعي السياحي على أبعد نطاق، وبناء سلوك فردي وجماعي سياحي متزن، قادر على مسايرة التحولات في الممارسة السياحية، بالشكل الذي يضمن قدرة المنجز السياحي على الوصول الى غاياته وأولوياته وبما يعزز من فرص الاستدامة والابتكارية فيه.
وبالتالي سوف يضمن وجود هذه القواعد والموجهات السلوكية مساحات أكبر لوعي المواطن والمقيم في التزام الضوابط التي عليه أن يراعيها في استخدامه للمواقع السياحية، ومنظومة القيم والأخلاقيات التي عليه أن يستحضرها بما يضمن عدم الاضرار بها من جهة، وتعزيز فرص استخدامها بشكل اكثر واوسع للأجيال القادمة، وهو ما يتيح له مساحة أكبر من الاريحية ويشعره بالغبطة والسرور عندما يجد الانضباط والاحترام وحسن الاستخدام وحس المسؤولية، موجهات يمارس خلالها السائح مسؤولياته كصاحب مبدأ ورسالة وقدوة يستصحبها وهو يتنقل بين هذه المواقع السياحية.
وعليه نعتقد بأن المؤشرات الإيجابية والمراكز المتقدمة إقليميا وعالميا التي حققتها السياحة الوطنية كما وكيفا، في كونها من أفضل الوجهات السياحية العالمية أمانا، والتزاما بالمعايير السياحية العالمية، يضع الجهات المختصة بالدولة أمام مسؤولية تبني مدونة لقواعد السلوك الأخلاقي السياحي، باعتبارها موجهات استرشاديه ومرجعية وطنية توجيهية وضبطية تتناول المراسيم السلطانية ذات العلاقة، والقواعد الضبطية والقانونية والتشريعات واللوائح النافذة في هذا المجال، بالإضافة الى المفاهيم والمفردات السياحية، والجوانب الاحترازية التي ينبغي ان تتطور لدى السائح على المستوى الشخصي أو في طريقة استخدامه للمواقع السياحة والمحاذير التي عليها أن يكون واعيا بها، واللوحات الارشادية والتحذيرية والتثقيفية وغيرها.
ومعنى ذلك أن قواعد السلوك الأخلاقي التي ننشدها ليست فقط جملة التعليمات واللوائح والأنظمة التي تمثلها اللوحات التوجيهية والتحذيرية في المواقع السياحية، بل موجهات سلوكية تحفظ للسياحة موقعها ومكانتها كقيمة مضافة، تضع المعايير والقيم والمبادئ والموجهات الأخلاقية والسلوكية والقناعات التي يحملها السائح المواطن أو غيره أمام ممارسة ميدانية تظهر عند ارتياده لمختلف المواقع السياحية العامة والخاصة بمختلف اشكالها وأنواعها، ومسؤوليته في نقل هذا الشعور الايجابي والقناعات الفكرية الراقية والممارسات الرشيدة باعتبارها رسالة تضبط سلوكه وتحدد اتجاهاته، وحسن إدارة المواقف، والذوق والمشاعر الإيجابية التي يستصحبها في زيارته لهذه المواقع السياحية.
من هنا فإن بعض الممارسات السلبية التي ألقت بظلالها في فترات سابقة على المنجز السياحي من قبل بعض السياح من الداخل والخارج، سواء بالتخريب أو التفحيط في المسطحات الخضراء، أو ترك الأماكن السياحية على غير طبيعتها النظيفة، والاستخدام الجائر للبيئة والموارد بالاستنزاف، والحرق للأشجار الخضراء بغرض استخدامها، والتي اتخذت خلالها الجهات الأمنية، والمدنية المعنية بالسياحة، العديد من الإجراءات للحد منها ومعاقبة مرتكبيها، إضافة إلى التوعية الإعلامية والتحذيرات التي تنشرها بين فترة وأخرى، مسوغات مقنعة نحو إيجاد إطار استرشادي وطني لتعزيز الوعي السياحي، يتضمن ابرز القواعد السلوكية والأخلاقية من واقع التشريعات والقوانين واللوائح التنفيذية والتنظيمية النافذة، فهل سنشهد في الفترة القادمة بروز مثل هذه التوجه على أرض الواقع؟