مقال| السياحة وخيار الحوار الاجتماعي التشاركي

يكتبه: د. رجب العويسي|

إن ما تتميز به مفردة السياحة من ديناميكية ومرونة، وسرعة الاستجابة للظروف والمتغيرات، وارتباطها بالإنسان: سلامه الداخلي وعلاقاته مع الآخر، الطبيعة والانسان والفرص يجعل منها مائدة نقاش مجتمعية لا تمل، ومنصة تواصلية لا تنقطع، ومساحة حوارية دائمة التجديد في الفكر، والتغيير في الأسلوب، والتنوع في الأدوات، وسرعة توليد الأفكار وإعادة تطويرها وتحويلها إلى مشاريع وبرامج عمل سياحية منتجة. 

لذلك فإن ما يمثله الصيف من موسم سياحي نشط، نظرا للميزة التنافسية فيه، لتتجه فيه وجهة المواطن والمقيم إلى الاسترخاء والسفر والسياحة وتعديل المزاج وتغيير الروتين، يضع أمام السياحة الوطنية جملة من السيناريوهات القائمة على حشد الحوار المجتمعي والشراكة المؤسسية مع قطاعات الإنتاج والخدمات والتقنية والطاقة واللوجستيات والاتصالات والتعليم وغيرها في سبيل إنتاج بيئات سياحية استباقية  قادرة على  تقديم خدمة سياحية كفؤة وذلت جودة عالية.

إن تجسيد هذه الصورة التكاملية والانتاجية في المسار السياحي  يتطلب  ترقية لغة التواصل السياحي المتوازن، وضبط الممارسات وتقنينها، وإعادة هيكلة الواقع السياحي بشكل يقترب من الأولويات الوطنية ويحفظ  خيوط الود والترابط مع المكون السياحي الوطني قائمة ، كون السياحة الحاضر التنموي المتجدد الذي لا يمل، ومساحة الأمان التي يتفاعل حولها الجميع ويتقاسم خلالها مشترك المسؤوليات، ولذلك كان الرهان اليوم على العقل الاستراتيجي الجمعي في قدرته على تصحيح النهج، وتوجيه البوصلة، وضبط المسار، ورسم ملامح مضيئة تنتقل في ظل إنسانية السياحة إلى كونها محطة لإعادة هندسة السلوك الاجتماعي ولمؤسسي.

أخيرا فإننا اليوم بحاجة إلى نموذج سياحي من نوع مختلف، أكثر ابتكارية واستدامة ومهنية واحترافية، ويرفع من سقف توقعات السائح (المواطن والمقيم والزائر) في سرعة وكفاءة الحصول على الخدمة السياحية المقدمة بأقل وقت وأعلى جودة، لتصبح خيارا استراتيجيا وجزءا أصيلا من معادلة العمل السياحي المخلص، فهل ستفصح جهود السياحة في سلطنة عُمان عن نهج تصحيحي تشاركي قادم يأخذ في الاعتبار كل الفرص والتحديات والنجاحات والاخفاقات، ويرفع من مستوى الحوار الاجتماعي وآلية توظيفه لخدمة القرار السياحي الجريء والمنتج ؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*