يكتبه: حمدان بن علي البادي |
يقول هانس روسلينج في كتاب الإلمام بالحقيقة “كن فضوليا بشأن المعلومات الجديدة التي لا تتلائم مع منظورك وبدلا من التحدث مع ناس يتفقون معك وتبحث عن أفكار تلتقي مع أفكارك ألتقِ بناس يتعارضون معك ولا يوافقونك الرأي”.
تستحضرني هذه العبارة وأنا أتابع أحد مشاهير التواصل الاجتماعي وهو يعيش تجربة سفره وفقا للصورة النمطية التي تشكلت لديه من الثقافة السمعية لأشخاص سبقوه إلى المكان، وهو ليس الوحيد من وقع في هذا الفخ فهم كثر من يعيدون السير وراء روايات سمعوها من هنا وهناك من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث لرسم دروبهم الخاصة وإعداد مقاييس خاصة بهم تضمن لهم الهدوء والاستقرار والاستمتاع بالرحلة وإعادة إكتشاف البلاد بمنظورهم لا بمنظور الآخرين.
لكل فرد منظوره الخاص ورؤيته الخاصة وليست بالضرورة أن تكون من الثوابت حتى وإن كان قائلها مشهوراً فإن بعض المسافرين يسيرون على تلك الخطى ويضعونها كحقائق مسلم بها ويعيشون في إطارها بصورة العارف بتفاصيل التفاصيل من دون أن يتمكنا من تجاوز الصور النمطية والبحث عن الدهشة وصناعة اللحظة وتفاصيلها بمنظورنا لا بمنظورهم “ولكل أمرىء ما نوى”وهناك متغيرات اقتصادية وثقافية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وما يصاحبها من قوانين تعيد تشكيل المنظور الشخصي. ولأن الصورة النمطية التي تشكلت من المنظور الفردي وخاصة لبعض الوجهات هي التي تسيطر على حواس بعض المسافرين ويبنون رأيهم بناءً عليها ويأخذونها كحقائق ثابتة كانتشار النشالين والنصب في بعض الوجهات أو حياة الليل والعربدة في وجهات أخرى والصور النمطية المرتبطة بالناس وسلوكياتهم والأسعار التي يشبهوها “برخص التراب” أو “بالنار” وغيرها من القوالب الجاهزة التي يتم اختزال بلدان بأكملها في سياق تلك الصور وقد تأتي من أشخاص لم يسبق لهم السفر إنما يعيدون تسويق ما تشكل لديهم من صور نمطية سمعوها من الآخرين، وهي التحديات التي يدركها بعض السياح ويختصرون ردة فعلهم في عبارة “ما توقعناها كذا “وهي تحتمل المعنى الايجابي وعدم رؤية الصور النمطية السلبية أو بالمعنى السلبي حين يصطدم السائح بإن البلاد لا تلبي تطلعاته بناءً على الصورة النمطية التي تشكلت في مخيلته. وحتى لا أكون في سياق من يصنعون هذه الصور النمطية حين أكتب عن السفر فإني أدعو القارىء أن يتأمل في الصور النمطية التي تشكلت من منظور الآخرين وخاصة لبعض الوجهات وإن قرر السفر يجب أن يكتشف دروبه الخاصة حتى وأن تشابهت مع درب الآخرين أو تقاطعت معها وهذا لا يعني بالضرورة أن لا يستمع لهم بل عليه أن يستفيد من تجاربهم وأن يعزز ذاك بالبحث والتخطيط والاكتشاف وصولا إلى دهشة اللحظة، والاستفادة من التطبيقات الرقمية للوصول إلى وجهته.