مقال| التراث هوية والهوية لا تموت 

يكتبه: حمدان البادي|

تشارك سلطنة عُمان، ممثلة بوزارة التراث والسياحة، دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للتراث، الذي يُصادف الثامن عشر من أبريل من كل عام، وذلك بهدف تعزيز مكانة التراث المادي والإنساني في حياة الشعوب. حيث تحتفل دول العالم بإرثها الحضاري الذي يشكل حاضرها ومستقبلها وهويتها الثقافية، وكيف نحافظ عليه ونقدمه للأجيال القادمة.

فالتراث والسياحة وجهان لعملة واحدة، وفي سلطنة عُمان تعمل هاتان الجهتان ضمن منظومة إدارية واحدة، في مسارين متوازيين: حفظ التراث وإحياءه من جهة، وتفعيله سياحياً واقتصادياً من جهة أخرى. إذ إن السياحة لا تكتمل من دون روح تُلهم الزائر، ولا شيء يضاهي التراث في هذا الجانب لما يشكله من مادة جذابة للسياح ومحبي تتبع آثار الحضارات، التي لا تزال شواهدها قائمة حتى اليوم.

وتزخر سلطنة عُمان بتراث غني وآثار متنوعة، وقد حققت تقدما ملحوظا في إبراز هذا التراث، كما أشار إلى ذلك وزير التراث والسياحة في بيانه أمام مجلس الشورى في مارس الماضي، إذ تم تسجيل ما يقارب 3655 موقعاً أثرياً، وبلغ عدد المعالم التاريخية 3525 معلماً، فيما بلغ عدد المعالم المُرمَّمة 370 معلماً موزعة في مختلف محافظات السلطنة.

كما بلغ عدد المواقع العُمانية المسجلة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو خمسة مواقع حتى نهاية عام 2024، في حين وصل عدد المواقع المدرجة في القائمة التمهيدية إلى سبعة مواقع، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعريف بالمواقع ذات القيمة التاريخية والطبيعية.

وتشهد سلطنة عُمان من حين لآخر العديد من الاكتشافات الأثرية، التي تؤكد عمق الحضارة الإنسانية التي مرت بهذه الأرض عبر العصور المختلفة، وتأتي هذه الاكتشافات ثمرة للجهود الاستكشافية التي تبذلها وزارة التراث والسياحة، إلى جانب التعاون الكبير الذي يبديه المواطنون في الإبلاغ عن المقتنيات الأثرية وما يُعثر عليه من مكتشفات أو يتم تسليمه من مقتنيات أثرية.

وقد حرصت السلطنة في السنوات الأخيرة على دعم البعثات الاستكشافية للتنقيب عن الآثار، واستثمار القلاع والحصون لتكون وجهات سياحية مستدامة، من خلال تفعيل الأنشطة والفعاليات، وتوفير بعض المرافق الخدمية التي تجعل منها مواقع جذب سياحي، وقد دخلت مؤخرا عدة قلاع وحصون ضمن هذا التوجه، كمواقع حية تنبض بالأنشطة، وتستقبل الزوار، وتساهم في الاقتصاد المحلي من أبرزها قلعة الميراني، ويجري حاليا التحضير لافتتاح قلعة الجلالي، كما توجد خطة شاملة لضم باقي القلاع والحصون إلى هذا المسار.

وذهبت السلطنة إلى أبعد من ذلك، حين أعارَت بعض القطع الأثرية لعرضها في متاحف عالمية، في رسالة واضحة: تراثنا ليس للعرض الداخلي فقط، بل هو رسالة حضارية نُوجهها للعالم، واذا كانت بعض الدول العربية كتونس والجزائر تمد بعمر هذا اليوم ليصبح شهرا فإن سلطنة عُمان تجعل من كل أيامها نصيبا للتراث وكانت من الدول التي أولت تراثها اهتمام كبير وخصصت له عاما كاملا للاحتفاء به وإعادة احياءه وذلك في أحدى السنوات من عمر النهضة الحديثة، وكل ذلك لأن التراث هوية وهوية الشعوب لا تموت وحمايته مسؤولية الجميع.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*