مقال| خيرُ جليسٍ

يكتبه: حمدان البادي|

تُطلّ علينا فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب مجددا، في دورة جديدة من دوراته السنوية، وإن تأخّر هذا العام قليلا عن موعده المعتاد لأسباب تسويقية، إلا أنه حافظ على تزامنه مع أسبوع الرواتب، ليضمن حضورا جماهيريا واسعا.

وقد تجاوز معرض الكتاب في مسقط مفهومه العام بأنه سوقا للكتب، ليتحول إلى وجهة سياحية ثقافية يقصدها العُمانيون والمقيمون على حد سواء، بحثا عن كنوز المعرفة القادمة من مختلف دول العالم، عبر تنوّع لافت من الإصدارات والمطبوعات، وما يصاحب عرضها من تشكيلة واسعة من الفعاليات الفكرية والثقافية، التي جعلت من المعرض كرنفالا احتفاليا معرفيا بكل ما تعنيه الكلمة.

وعلى الرغم من الجدل المستمر حول تراجع حضور الكتاب الورقي في ظل الانتشار الواسع للكتب الرقمية والمقرصنة، إلا أن معرض مسقط الدولي للكتاب يثبت عاما بعد عام أنه لا يزال يحتفظ ببريقه، فقد سجّلت النسخة السابقة 394,172 زائرًا بحسب ما أعلنته إدارة المعرض، وهو رقم يُعدّ كبيرا بالنظر إلى عدد أيام الفعالية.

وإدراكا لهذه المكانة، يأتي المعرض هذا العام مزهوا بمشاركة 674 دار نشر تمثل 35 دولة، مقدّمةً أكثر من 681 ألف عنوان، إلى جانب ما يزيد على 200 فعالية ثقافية و155 فعالية مخصصة للأطفال، لتلبّي تطلّعات جميع أفراد الأسرة، وتمنح الزوّار فرصة نادرة للقاء المؤلفين، والاطلاع على أحدث الإصدارات الأدبية والعلمية والمعرفية.

وإذا ما ألقينا نظرة على النسخ السابقة من معرض مسقط للكتاب، يتضح جليًا أن الكتاب في عُمان لا يزال حاضرا بقوة، ويتجلى ذلك من خلال تزايد أعداد دور النشر المشاركة، وحرص الكتّاب العُمانيين على إصدار أعمالهم بالتزامن مع المعرض، بالإضافة إلى انخراط المؤسسات الثقافية والمبادرات المجتمعية والأفراد في هذه التظاهرة. وهكذا، يتحوّل المعرض إلى كرنفال ثقافي يُسهم في تنشيط السياحة الداخلية، ويؤكد ارتباط العُمانيين بالكتاب كوسيلة للمعرفة والحوار. لهذا يظلّ معرض الكتاب فرصة للآباء لترسيخ ثقافة القراءة لدى الناشئة، وتعزيز وعيهم بأهمية الكتاب كرافد أساسي من روافد الثراء المعرفي والبناء الحضاري ، ليعيد للكتاب مكانته كخير جليس كما قال المتنبي بعد أن تراجعت مكانته لصالح الأجهزة المحمولة وذلك من وجهه نظري الشخصية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*