مقال| السياحة العلاجية تحت مجهر العقول العُمانية

يكتبه: باهل قدار |

Kaddar.bahel@gmail.com

كثيرة هي بحوث المختصين العمانيين فيما يتعلق بالسياحة العلاجية وما يدور حولها، لم يكن أولها ما قام به قبل عشر سنوات من الآن الباحثون الدكتور صالح الهنائي والدكتور أحمد البوسعيدي والدكتور إبراهيم بن هلال البوسعيدي والذين حاولوا بجهد حثيث فهم سبب سعي العمانيين الحصول على المشورة الطبية خارج السلطنة مع تسليط الضوء على المشاكل الطبية والنفقات والوجهات المفضلة والرضا عن العلاج، فضلاً عن هدف ثانوي ألا وهو إعطاء ملاحظات لأصحاب الشأن في نظام الرعاية الصحية عن كيفية التعامل مع هذه المشكلة وتلبية احتياجات المجتمع العماني.

الورقة البحثية التي قدمها الباحثون والتي جاءت تحت عنوان “السياحة العلاجية بالخارج.. تحد جديد للنظام الصحي في عُمان” وجدت أن أمراض العظام كانت هي الحالات الأكثر شيوعاً التي دفعت المرضى إلى طلب العلاج في الخارج، وكانت تايلاند الوجهة الأكثر شعبية تليها الهند، ومن المثير للاهتمام بحسب ما لاحظه الباحثون أن 15٪ من المشاركين سافروا إلى الخارج من دون السعي للحصول على رعاية طبية أولاً محلياً، وهذا ما جعل الباحثين يطالبون بإنشاء سجلات وقواعد بيانات وطنية توضح العديد من الحقائق المتعلقة بالسياحة العلاجية للمجتمع، وضرورة التشاور مع الأطباء المحليين قبل السفر، واستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة للوصول إلى مصادر المعلومات، وتكثيف التثقيف الصحي.ولم يعد خفياً على الجميع أهمية وضع معايير لتنظيم صناعة السياحة العلاجية محلياً وخارجياً، لا بل اعتماد شركات السياحة العلاجية ومن ثم مراجعة اعتمادها بانتظام لحماية العملاء من الخسائر المالية وتعويضهم في حالة حدوث مضاعفات أو أخطاء طبية.

من خلال الدراسة استعصى على الباحثين إكمال وتتبع البيانات والإحصاءات المتعلقة بالسياح الطبيين وهذا ما يتطلب رفع الوعي من خلال وسائل الإعلام المختلفة بين جميع الفئات العمرية في المجتمع حول السياحة العلاجية وآثارها على الأفراد والأسر والمجتمعات والدول.وتحت عنوان “العمانيون الذين يسافرون للخارج من أجل الرعاية الصحية.. وقت للتفكير” تساءلت الدكتورة آمنة الحشار والدكتور إبراهيم الزكواني عن سبب سعي المرضى في عُمان للحصول على الرعاية الطبية في الخارج في ظل توافر رعاية صحية مجانية ممولة من الحكومة وذات جودة عالية في عُمان إلى جانب التكلفة المالية المرتفعة والمخاطر المرتبطة بها خارج السلطنة.

ورأى الباحثان في ورقتهما البحثية أن سفر المرضى إلى الخارج للحصول على مزيد من المشورة والرعاية الطبية يعزو إلى نقص الوضوح بشأن التوفيق بين الأدوية والممارسات الإرشادية الحالية، بالإضافة إلى عدم وجود اتفاق بين الصيادلة والأطباء والممرضات حول المسؤول عن تقديم المشورة الدوائية عند الخروج.الباحث العماني باسم البحراني قدّم مؤخراً ورقة مهمة في موضوع السياحة العلاجية في عُمان خلص فيها إلى الحاجة إلى إجراء دراسات علمية أفضل حول تأثير السياحة العلاجية على خدمات الرعاية الصحية في بلدان المصدر والوجهة وكذلك على المرضى أنفسهم.لم يبتعد الدكتور البحراني في دراسته التي صدرت العام الماضي عن معظم الدراسات السابقة من حيث الحاجة لإنشاء سجلات وقواعد بيانات وطنية وأهمية أن تكون الحقائق والأرقام والتكاليف والآثار والقضايا والحقوق المتعلقة بالسياحة العلاجية واضحة للمجتمع، عدا عن إنشاء نظام لاعتماد شركات السياحة العلاجية والمعاهد التي تمثلها ومن ثم مراجعة اعتمادها بانتظام.

مما لا شك فيه أن السياحة الطبية لا تخلو من تكاليف ومخاطر، ولعل الثقة بالأطباء والباحثين العمانيين هي أقل ما يمكن عمله بهدف تحديد العوامل التي تحفز المواطنين على السياحة الطبية وتأثيرها على الصحة العامة، فضلاً عن استخدام تدابير لتنظيم هذه الصناعة المتنامية وتقليل مخاطرها.

ومن المؤكد أن هذه الثقة سوف تتكامل مع سعي السلطنة إلى تنشئة كفاءات وقدرات وطنية مؤهلة ورائدة في مجالي البحث العلمي والابتكار الصحي كأولوية من أولويات رؤية عُمان 2040.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*