السفينة ترسو في دوار البستان من دون الاستفادة سياحياً من تاريخها
مسقط – يوسف بن أحمد البلوشي |
تمثل السفينة صحار التي أبحرت إلى مدينة غوانزو في الصين مقتفية أثر السفينة صحار التي أبحرت قبل أكثر من 1300 سنة.وأمر المغفور له بإذن الله، السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، في عام 1980م بإعادة ذكرى هذه العلاقة التاريخية بين السلطنة والصين من خلال بناء السفينة صحار التي رحلت عبر نفس المسار إلى مدينة جوانزو التي سلكته قديماً.
وأبحرت السفينة يوم 23 نوفمبر 1980م من شواطئ السلطنة لتقطع 6000 ميل بحري وتصل إلى مدينة كانتون (جوانزو) الصينية يوم 10 يوليو 1981م مرورا بموانئ الهند وسريلانكا وأندونيسيا وماليزيا.
نصب تذكاري واحتفل في 13 سبتمبر 2018 بمدينة جوانزو الصينية بتدشين النصب التذكاري لسفينة صحار بمناسبة مرور 40 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية الصديقة.
اليوم السفينة صحار بعد هذه الرحلة التاريخية أصبح موقعها في وسط دوار فندق قصر البستان القريب من مجلس عُمان. “وجهات” تسلط الضوء على هذه السفينة التي تم وضعها في دوار البستان بولاية مسقط، وعدم الاستفادة من هذه السفينة سياحيا والتي لو تم وضعت في متحف زجاجي لتكون مزارا تاريخيا وسياحيا جاذبا للسياح حتى يتعرفون على تاريخ هذه الرحلة التاريخية للسفينة قبل 1300عام. اليوم لم تستفد السلطنة من أهمية هذه الرحلة للسفينة صحار، وإن وجودها وسط دوار لا يشكل لها معلماً تاريخياً مهماً، فكان من الأهمية تصميم موقع زجاجي بارز في قلب مسقط العاصمة أو صحار وتكون متحفاً يزوره السياح، مع بيع هدايا تذكارية رمزية وصور للبحارة وبعض المقتنيات أو ملابس شبيه للبحارة والادوات التي كانوا يستخدمونها في أثناء الرحلة.
قيمة رمزية
يقول بدر الذهلي المحاضر في كلية عُمان للسياحة، السفينة صحار أحد المعالم التاريخية العمانية والتي تروي التاريخ البحري لعمان عبر التاريخ والذي وصل إلى الصين شرقاً ورأس الرجاء الصالح جنوبا. ويمكن أن يكون لهذا المعلم قيمة رمزية سياحية وتعريفية إذا ما تم استغلاله والاستفادة منه خاصة وانه يقع في منطقة التقاء سياحي لافخم الفنادق في السلطنة والمعالم كمبنى مجلس عمان والبستان وبندر الروضة.
إعادة تأهيل
ودعا الذهلي إلى إعادة تأهيل الموقع سياحياً بحيث يمكن للسائح التوقف في هذا المكان والاستمتاع بمشاهدة الهندسة العمانية في صناعة السفن الشراعية ووضع بعض المشبهات التفاعلية كالإنارة والاصوات المصاحبة لرحلة السفينة، بالاضافة إلى لوحات تعريفية تسرد قصة هذه السفينة والتاريخ العُماني البحري.وقال: التسهيلات الخدمية البسيطة للموقع قد تجعل من المكان أكثر جاذبية لتوقف السياح والأفواج السياحية عند العبور كمواقف مؤقتة على كتف الطريق وعبور المشاه، بالإضافة إلى مركز معلومات تفاعلي يقدم شرحاً ومساراً قصصياً يتيح للسائح القيام بتجربة سياحية عند التوقف في الموقع.
تعددية سياحية ويضيف بدر الذهلي قائلاً: اما عن أهداف تطوير الموقع، لزيادة الوعي بتاريخ عمان البحري، والتأكيد على أهمية عناصر التراث العُماني ومكوناته، واضفاء تعددية وتنوعا للمواقع السياحية في تلك المنطقة، الامر الذي سياساهم في توفير فرص استثمارية للمؤسسات الصغيرة المحلية عند نشاط الموقع عبر توفير خدمات، والاستفادة من الموارد المتاحة لتكون منتجات ذات قيمة محلية.
متحف بحري
من جانبه، يؤكد الدكتور خالد بن عبدالوهاب البلوشي، خبير في الاعلام السياحي، أن السفينة صحار لابد وان تكون لبنة لانشاء متحف بحري يعكس أمجاد العمانيين في أعالي البحار.مؤكدا على أننا بحاجة لتوثيق تلك الانجازات تحت قبة واحدة ، وما زال لدينا مقتنيات بحاجة إلى حمايتها من عوامل التعرية والسفينة صحار تمثل إرثاً تاريخياً وقصة من قصص رحلات السندباد البحري، ومن المؤكد ان المتحف الذي سوف يحتضن هذه السفينة وغيرها من السفن والمعدات البحرية التي ساهمت في صنع هذه السفينة ستعمل على تعزيز أهمية تاريخ هذه السفينة، حيث يعد المتحف في الوقت الحالي بمثابة معهد للعلوم ومركزا للثقافة ومدرسة للفنون المختلفة وكذلك معلم سياحي هام.
ذاكرة التاريخ البحري
مشيرا إلى أن السفينة صحار تمثل جزءاً هاماً وعنصراً أساسياً في ذاكرة التاريخ البحري العماني والذي وصل إلى كانتون بالصين وميناء جوادر وزنجبار . ولعل رحلة السفينة سلطانة أكبر دليل تاريخي على وجود تاريخ بحري عريق للسلطنة. وهذا التاريخ والارث البحري العريق علينا توثيقه حتى لا يندثر مع الوقت، فمن ليس له ماضٍ ليس له حاضر. والسفينة صحار تعكس المقولة المشهورة أن العمانيين أسياد البحار .وأن العديد من الدول التي كان لها أساطيل بحرية تجوب عباب البحار عملت على الحفاظ على هذا الإرث .
ويستحضر الدكتور خالد البلوشي، كلمة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، حول ذات الأمر حينما أكد بأن ( عُمان الحديثة وهي تخوض مسيرة البناء والنماء درجت على أن تستثمر خبرات الماضي وتستلهم منه آيات المجد وبواعث الفخر ومناهل السؤدد).
الموقع الخطأ
ويقول يونس بن سخي البلوشي عضو لجنة السياحة في غرفة تجارة وصناعة عُمان، تعتبر السفينة صحار من أبرز السفن التاريخية والتي تتحدث عن الإرث الكبير لعُمان في ربط الشرق مع الغرب، وكانت لها أدوار في انسيابية التجارة مع دول الشرق الأقصى مثل الصين وغيرها.
واضاف: لذا فإن إبراز هذا التاريخ من خلال السفينة صحار والتي تم وضعها في الموقع الخطأ حيث لا تستطيع مشاهدتها ولا التعرف عليها ولا أخذ صور تذكارية معها.
اقتراحات
ويقترح عضو لجنة السياحة في غرفة تجارة وصناعة عُمان، إنشاء متحف متخصص باسم متحف التاريخ البحري العماني، حيث يتم وضع جميع ما يتعلق بالإرث التاريخي بالبحر والملاحة وهو كبير جداً. مشيراً الى انه يمكن بداية إنشاء ميدان توضع فيه هذه السفينة. ويقترح وضعها مبدئيا قرب المتحف الوطني في مسقط، أو بجانب متحف التاريخ الطبيعي في الخوير، أو في ميدان الساعة في روي، أو على مدخل ميناء السلطان قابوس، أو في حديقة ريام.
متحف مصغر
ويستطرد قائلاً، بحيث تكون بجانبها عدة خدمات منها، متحف صغير يتحدث عن تاريخ السفينة مع فيديو تعريفي وكتيبات، ومحل هدايا تذكارية ونماذج للسفينة، ومقهى للزوار يقدم وجبات عمانية، مع تخصيص مواقف للباصات السياحة والسيارات. هذا بالإضافة إلى عرض مع الاضواء على السفينة خلال الفترة المسائية. وسوف يخلق هذا المشروع، فرصاً وظيفية في هذا القطاع، وكذلك دخل إضافي للسياحة، مع وجود جذب سياحي داخلي وخارجي.