د. هــدى بنت جمعة البلوشي | تلقَّى قطاع المطاعم في أنحاء العالم ضربة موجعة جرَّاء انتشار جائحة كورونا “COVID-19″؛ فقد عصفت الإجراءات التي طبقتها الدول للحد من انتشار هذه الجائحة بالأرباح نحو الهاوية، حيث أوقفت مجموعة من المطاعم أعمالها، في حين أعلن بعضها إغلاقه المؤقت أو إفلاسه، مما أدى إلى تسريح جزء كبير من العاملين فيها. ومع بدء التخفيف التدريجي للقيود المفروضة في عدد من الدول؛ حاولت بعض المطاعم حول العالم وضع تصوّرات جديدة للتعامل مع عصر ما بعد الوباء الذي سيكون التباعد الاجتماعي عنواناً رئيسياً له. الأمر الذي أضحت معه الحاجة إلى النظر في “الوضع الطبيعي الجديد” وفي إمكانية تلبية هذا التوجه، حاجة ماسة. بالنظر إلى تجربة “SARS-CoV” 2003، يمكن استنباط ركيزتين أساسيتين اعتمدت عليها عودة المطاعم وانتعاشها: مراقبة الايردات والتسويق. فمن الضروري جداً.أولاً: تبنّي نظام إيرادات آلي يمكِّن من الحصول على رؤى تنافسية تستند إلى البيانات والتنبؤات لطلب السوق واتجاهات الأداء، لاتخاذ قرارات رئيسية تشتمل على التسعير، والتوظيف، والتشغيل، والتدفق النقدي. ثانياً: الحفاظ على قناة ترويج للمنتجات والمبيعات أثناء الوباء، وممارسة المسؤولية الاجتماعية من خلال الاستجابة بنشاط لأية دعوات من الحكومة والمجتمعات المحلية والجمعيات، لنشر وتعزيز الصورة الإيجابية، على أن تتمحور الدعاية -بعد التعافي- حول ضمان سلامة رواد المطاعم وتوفير البيئة الصحية الآمنة، لما لهما من دور بارز في تنشيط الطلب. بالإضافة إلى تكريس جهود فرق المبيعات ومديري قنوات الاتصال للحفاظ على التواصل الجيد مع العملاء و الشركاء في التوزيع، وللتحليل والتنبؤ بالاتجاهات التجارية المستقبلية والتغييرات في أنماط سلوك المستهلك والعادات الغذائية وتفضيلات الذوق. حيث أنه من المرجح جداً – بعد انتهاء الجائحة- أن يتركز الاستهلاك على الأغذية والمشروبات الصحية، وأن تنتعش عودة رواد المطاعم الفردية أو في مجموعات صغيرة بشكل أسرع من المجموعات الكبيرة. بالتالي ينبغي أن يكون قادة المبيعات والتسويق على تناغم مع هذه الاتجاهات، والاستعداد للاستجابة لها بالشكل المناسب.يقول “Chris Keating”، رئيس المؤتمرات في شركة “Winsight”: “أحد دروس التاريخ هو أن الكارثة تلهم الابتكار”. فمما يمكن لصناعة المطاعم الاستفادة منه: الاعتماد على نهج التسعير القائم على تحليل البيانات التلقائي/ عوضا عن المغالاة في الخصومات وقيود إلغاءات الحجوزات، لضمان عدم زعزعة ثقة العميل. فخلال فترة التجميد، عملت المطاعم على قوائم طعام مبسطة، وانتقلت إلى البيع الإلكتروني، وتقديم الخدمات اللوجستية “غير التلامسية” بالتعاون مع طرف ثالث، كبرنامجي “طلبات” و”أكيد”. وعليه فمن الذكاء استغلال الفرصة في التركيز على إعادة تصميم القوائم، و “إنشاء وتطوير المواقع الإلكترونية لتوظيف البيع المباشر، وتوظيف المطاعم المغلقة لتدريب الموظفين، وللتطوير والصيانة بحسب الاشتراطات والأنظمة المحلية، وبيعها كمواقع للمناسبات المستقبلية لضمان تدفق المال. الالتفات نحو المساهمة المجتمعية من خلال توفير الوجبات الغذائية للأسر المتضررة والمتطوعين والعاملين في القطاعات ذات الصلة، والاستعانة بمؤثري منصات التواصل الاجتماعي للتسويق الجيد. الاستفادة من مبادرات محبي المطاعم للنهوض عقب الأزمة، كمبادرة “رابطة تناول الطعام”، والمصنفة كحملة عالمية تسعى لمساعدة أصحاب المطاعم في الحصول على الدعم المادي اللازم للتعافي. بالإضافة إلى الاستحواذ على ثقة الزبون من خلال اتباع المطاعم لسبل السلامة ومنها: طاقة استيعابية للمكان وايضاحها للعملاء كعامل احترازي، تغيير آلية جلوس الزوار من خلال تحقيق التباعد بين الطاولات أو باستخدام فواصل أو كبائن زجاجية/بلاستيكية منفصلة، واعتماد الدفع الإلكتروني كوسيلة وحيدة للسداد