ذاكره | “وكان”.. بستان مع المشمش المزهرة

بقلم: نجلاء الرحبية | يليق بها المديح حين يتغنى بها اللسان لتنطق نطقاً يفوح بلسماً وعبيراً فواحاً شذيا يتعمق في جمال وصفها، زهريةُ اللون ففيها يكون كل شيء على ما يرام، أرجوانية فمنها ينبعث السكون والهدوء والشعور بالأمان، تبتسط وتتدرج باللون الأخضر الذي يعطي استقراراً بين الدفء والبرودة، تحتضنها الجبال الشامخة ذات الكهوف البسيطة فتبقيها بعيدة عن الضوضاء الخانِقة، لتتجمل وتحتفظ بصفاتها السرمدية.
قرية (وكان)، إحدى قرى وادي مستل بولاية نخل بمحافظة جنوب الباطنة، قرية سياحية لا تقبل إلا برعاية الطبيعة وطبطباتها الدافئة، عشقت بيوتها ذات التفاصيل البسيطة وأبت أن تهفو بنفسها إلى شوشرات الحياة، سكانها إستهوتهم مُعطيات الطبيعة فتعايشوا على ممارسة مهنة تربية الدواجن ورعي الأغنام والمواشي والسير بها على أراضيهم الغنية بالنباتات والأعشاب البرية الوفيرة والتي يستخدم بعضها للعلاج، كما أن للزراعة دور كبير في جعل حياتهم أسمى، فقد حباها الله بأنواعٍ عديدة من الأشجار والتي منها يندر وجودها في المناطق الأخرى من السلطنة كأشجار المشمش والخوخ والتي لها طابع مميز يثري المكان بجمالٍ يبهر العين فتجد في موسم تفتح زهور الخوخ والمشمش والبوت في بداية شهر يناير وحتى شهر مارس يُصبح المنظر وكأنما قد تساقطت حبات الثلج على هذه الأشجار ومزجت اللون الثلجي مع ألوانٍ أخرى تطيب بها الأنفس، أو تعطي ألوان الطبيعة التي كأنما استيقظت من نوم عميق فصافحت السماء لتعطي انعكاساً لها فتزهر وتملئ المكان بهجة، كما في لوحة (بستان مع المشمش المزهرة) للفنان ( فان جوخ) حين قام بدمج ألوان أشجار المشمش بشكل رائع يتصادق مع ألوان السماء.
في (وكان) هناك أنواع أخرى للمزروعات التي تتواجد على أرضها، كالعنب والبصل والثوم والرمان والكرز والباقل وأشجار الياس، ومن أهم الأشجار التي تكثر ويعتمد عليها السكان في دخل معيشتهم هي أشجار النخيل.
رغم وعورة الطريق للوصول إليها، إلا أن الزائر حين يهوى الطبيعة الخالية من التدخلات الخارجية، ففي (وكان)، سيكون المقصد المطلوب تماماً فهذه القرية لم يتم المساس بطبيعتها بل تم عمل بعض التسهيلات للزائر بالإستعانة بمقومات الطبيعة ذاتها فتجد الممرات قد تم عملها من الحجارة بما يقارب عدد مدرجاتها 400 درجة ليسهل على الزائر التمتع بكل تفاصيل هذا المكان، ففي كل خطوة يخطوها يجد الجمال أكثر دهشة مع مصاحبة أصوات زقزقات العصافير وخرير المياه التي تنبع من عين (وكان) وتسلك ممراً على طول المدرجات التي قد سُوِرت أيضاً بإستخدام عناصر الطبيعة.
info@wejhatt.com

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*