بقلم: د. رجب بن علي العويسي | على الرغم من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا (كوفيد 19) على اقتصاد السياحة، سواء من حيث تراجع الاستثمارات في القطاع السياحي وتوقف أغلب الأنشطة المرتبطة به، إلا أن حدس العمل القادم يتجه بالسياحة إلى مرحلة أكثر قوة وتأثيرا في التعاطي الواعي مع الظروف والأزمات، لتحول السياحة هذه المحنة إلى منحة تعيد هيكلة القطاع السياحي الوطني بأنشطته واستثماراته وآليات عمله وبرامجه وخطط وزارة السياحية – الجهة الوطنية العليا والمرجعية الأصيلة-، وبالتالي استثمار حالة الهدوء التي تعيشها السياحة اليوم لانطلاقة أكثر قوة لما بعد هذه الجائحة، ومحطة استراحة ترسم معالم الطريق لمستقبل السياحة، وتبتكر من الأدوات والآليات والأنشطة والوسائل، والفرص لصناعة اقتصاد سياحة المستقبل التي تتكيف في فلسفة عملها وبرامجها وخططها ومناهجها مع إعداد وتأهيل السائح العالمي (المواطن والمقيم والزائر) لتتعايش في قناعاته وثقافته وأنماطه الاجتماعية وأخلاقياته قدرة السياحة على العيش في الظروف الصعبة .
ومع كل القرارات بإيقاف أو تعليق الفعاليات والمناشط السياحية بمختلف أشكالها وأنواعها ومنها تعليق إقامة مهرجان صلالة السياحي لهذا العام؛ إلا أننا متفائلون بأن ما تجليات السياحة في ظل طبيعة المرحلة وظروفها؛ يمهد لفصل جديد تعاد فيها صياغة الكثير من الأفكار المتداولة حول السياحة وموقعها في منظومة التنويع الاقتصادي والحاجة إليها في رسم ملامح التحول القادمة لعمان المستقبل، والاستثمار الوقتي لهذه الفترة في إعادة ترتيب الأوراق وتحديد الأولويات وتشذيب الزوائد السرطانية – إن صح التعبير- التي ساهمت في تعزيز فجوة السياحة وتزايد سقف التباينات والتقاطعات في الجهود الوطنية، وتقييم أثر الممارسات الناتجة عن تدخل الشركات الحكومية مع وجود الوزارة المختصة في تقديم حزم تطويرية مقنعة لهذا القطاع، والسقطات التي ما زال يعيشها القطاع فيما يتعلق بدور القطاع الخاص وتعظيم حضور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاستثمار السياحي.
من هنا فإن المرجو أن نستفيد من هذه الجائحة في بناء مرحلة تتناغم فيها القرارات وتتفاعل فيها أطر العمل بعيدا عن سياسة فرض الأمر الواقع، وتمكين البنية المؤسسية والتشريعية من تحقيق إدارة كفؤة وفاعلة للقطاع السياحي يقل فيها فاقد العمليات المتكررة الناتجة عن تداخل الاختصاصات وتغاير فلسفة العمل وأدوات المتابعة والتقييم؛ سوف يكون عنوان المرحلة السياحية المقبلة.
*كاتب وباحث في المواطنة والتنمية والأمن الاجتماعي والتطوير المؤسسي والفكر الشرطي والتعليم