بقلم: د. رجب بن علي العويسي |
تشكل أخلاق السائح ركيزة أساسية في نجاح المعادلة السياحية التي تتطلب وجود قواعد للسلوك السياحي ومعايير للأخلاق والقيم والمبادئ المنظمة لها، وفق أدوات واضحة وممكنات مقننة ووعي بالقوانين وإدراك لموادها ونصوصها، ومعرفة واجباته ومسؤولياته وحقوقه فيها.
وبالتالي فهو يضع نصب اهتمامه في أثناء استمتاعه بالطبيعة الجميلة والمعالم الأثرية والتاريخية والمتنزهات والحدائق، أهمية المحافظة عليها، واحترامها وتقديرها وحسن استخدامها، والعمل على وقايتها من أن تنالها أيادي العبث والضرر، أو أن تضيّع بريقها وتبهت لمعانها وحشية السائح وقسوته، وأن مسؤوليته تفترض في ممارسته أن يكون قدوة لغيره يحمل رسالة التسامح والود وقيم التعامل معها، فهو يحافظ على بيئتها المكانية نظيفة من غير تشويه، صالحة للاستعمال له ولغيره بدون ضرر، لتظل مبهرة في الجمال، مبهجة للناظر، وعندها تصبح أخلاقيات السائح أنموذجا عمليا لتحقيق الاستدامة في المورد السياحي وتوفير الضمانات له في الإبقاء عليه صالحا للأجيال القادمة.
لذلك لم تعد أخلاقيات السائح اليوم ترفا فكريا؛ بل تعبير عن مستوى النضج السياحي المتأصل لديه، فيكسبها عبير اخلاقه، وسمو خصاله، ورونق فكره، ويتعامل مع قواعدها بوعي ومسؤولية، ويبحث عن منصات التجديد التي سيضيف إليها أجمل أخلاقياته وأرقى صور الاعجاب والشعور لديه وهو ينقل واقع مشاهداته للعالم الافتراضي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وعليه لن يكون للممارسات الأخرى كالتفحيط في المسطحات الخضراء، وترك القمامة في أماكن الجلوس في البيئات السياحة والحدائق والمتنزهات، او العبث بالمرافق وأدوات الترفيه، أو أن يحوّل سلوك الاستهتار وعدم المبالاة؛ القيمة الإيجابية لهذه البيئات، إلى بيئات مخيفة نظرا لما حدث فيها من غرق أو تسبب فيها من قلق لارتياد السياح الآخرين لها، بالرغم من أنها بيئات آمنة مسالمة هادئة بعيدة عن مصدر الخطر والضجيج والازعاج.
ويبقى أن نشير إلى أهمية أن يؤطر قانون السياحة (33/2002) واللائحة التنفيذية له (29/2016) أخلاقيات السائح والواجبات والمحذورات وقواعد السلوك المرغوبة، وتحديد العقوبات والجزاءات الضبطية لها، للحد من حالات التشوية الحاصلة للبيئات السياحية والمسطحات الخضراء والتي اصبحت في الآونة الأخيرة ظاهرة مؤسفة؛ كانت السبب في تدخل الجهات الأمنية والضبطية والقضائية في التعامل معها.