بقلم: خصيب بن عبدالله القريني | أصبحت الحاجة لتنويع مصادر الدخل في السلطنة، في الوقت الحالي، أكثر أهمية من أي وقت مضى، ذلك أن الظروف ذات العلاقة أصبحت تمثل تحديا لا يمكن معالجته بأسلوب الترقيعات الوقتية والمتمثلة في ارتفاع وانخفاض أسعار النفط، فأعداد العاملين في القطاع الحكومي في تزايد مستمر ومخرجات المؤسسات التعليمية هي الأخرى تضغط بذات الاتجاه، بالاضافة للحاجة الملحة لمزيد من المشاريع التنموية ذات الثقل الاقتصادي الكبير وغيرها من العوامل المتداخلة والتي في نهاية الأمر تكمل بعضها بعض، كما أن التأخر في تنفيذ إحداها يعرقل تنفيذ استرتيجيات في مجالات أخرى.
ومن أبرز القطاعات التي يجب أن يعول عليها الاقتصاد المحلي هو القطاع السياحي الذي يعد أحد القطاعات الداعمة لمنظومة الاقتصاد الوطني، كونه القطاع الذي تتمحور حوله مختلف القطاعات الاقتصادية فهو بمثابة القلب لها، ولقد رأينا العديد من دول العالم التي اهتمت بوضع استراتيجية واضحة وعميقة لكيفية صناعة قطاع سياحي واعد يدعم ويساهم مساهمة فاعلة في تنمية البلد، بل وينقلها من دولة نامية الى دولة صناعية، ذلك لان جميع القطاعات كما اشرنا تعمل وفق استراتيجية هذا القطاع في نهاية الأمر.
كنت قبل فترة في زيارة لجزيرة بوكيت التايلاندية، واعجبت كيف ان الاقتصاد الحقيقي لهذه الجزيرة قائم في الأساس على القطاع السياحي بصورة عامة لدرجة وجود كليات تدرس أصول وقواعد السياحة لكل العالم، وكل ماهنالك بحار ومرتفعات جبلية بسيطة، ولكن الامر اختلف في كيفية توظيف هذه الإمكانيات البسيطة لصناعة سياحة ذات اثر عالمي، والقدرة على الترويج واستثمار الأحداث العالمية لجذب السياح لها، فتصوير فيلم قبل اكثر من ربع قرن ضمن سلسلة جيمس بوند مازال يحصد سياحا وبأعداد متزايدة من أجل التقاط صور تذكارية لهذه المناسبة وتخليد ذلك المكان في الصورة الذهنية العالمية لدرجة تحويله إلى زار سياحي وطني، وأكاد أجزم أن غالبية من يزور الجزيرة يكون هذا المعلم أحد أبرز أهداف زيارته.
إن وجود سياحة يصنع أنشطة اقتصادية متنوعة، فعندما تجلس على شاطئ باتونج مثلا تجد نفسك وأنت جالس مسترخٍ أمام البحر، أن مختلف البضائع تنجذب اليك وبدلا من أن تذهب للتسوق تجد السوق وقد تحول بكامله نحوك. إنها صناعة السياحة، وعندما تزور مكتب سياحي لاخذ رحلة ليوم غد ستحتار ماذا تأخذ واجزم، أنك لو جلست شهرا كاملا ستجد التنوع في المواقع متوافر، ولن تكرر مواقع سياحية بعينها، حيث “كتالوجات” المواقع السياحية تغطي المكاتب السياحية.