بقلم: د. رجب بن علي العويسي | ينطلق تناولنا للموضوع من الحدث الثقافي الاجتماعي التعليمي السياحي ممثلا في معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الرابعة والعشرون الذي احتضنته محافظة مسقط، وأظهرت الاحصائيات أن عدد زواره بلغ مليون و212 زائراً.
وعلى الرغم من أن الإحصاء لم يفصّل كثيرا في هذا العدد من حيث النوع والمرحلة العمرية والفئات، إلا أن واقع المتابعة للمعرض، يدرك حجم ما يشكله الحضور الطلابي لطلبة المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى من أهمية في تحديد قيمة هذا الرقم والنسبة التي يشكلها الطلبة في الفئة العمرية (6-24) سنة، وهو ما نرجو أن تركز عليه المؤشرات الإحصائية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات في النسخ القادمة للمعرض.
ومع أن حديثنا هنا لا يشير إلى المعرض بحد ذاته، إلا أن تناوله يأتي في إطار القيمة المضافة التي تشكلها الرحلات الداخلية لطلبة مدارس التعليم العام والخاص وطلبة مؤسسات التعليم العالي الأخرى في تعزيز السياحة الداخلية خاصة لمحافظة مسقط، والأبعاد التعليمية والترويحية والترفيهية والتحفيزية التي تؤصلها كأحد الأهداف والغايات المتوقعة من الرحلات الطلابية.
وهي في المقابل فسحة تعليمية لإكساب الطلبة المفاهيم والمبادئ والعادات وقواعد السلوك السياحي والقوانين والتعليمات المحددة التي ينبغي الالتزام بها في الزيارات لهذه المواقع، بحيث يستشعر الطلبة قيمتها ويحققون أهدافها، وما يؤسسه ذلك في أذهانهم وقناعاتهم من أبعاد نفسية وفكرية ورغبة أكيدة في تسجيل ذكريات جميلة والتقاط صور تذكارية وحديث مستمر عن مشاهداتهم لهذه المواقع الحضارية والتراثية والتاريخية والطبيعية، وهم يستمتعون في أجواء مثالية خارج نطاق المدارس
على أن ما تزخر به محافظة مسقط – ومحافظات عُمان جميعها- من مقومات سياحية جميلة ومناخ معتدل في هذه الفترة من العام، سوف يضيف إلى هذه الرحلات توقعات أكبر بنواتحها على القطاع السياحي الداخلي وتنشيط حركته في أذهان الطلبة واهتمامات الأسر عبر التعريف بالمواقع السياحية والتسويق لها من خلال المدارس وصفحاتها في منصات التواصل الاجتماعي، كونها عملية مستمرة وسلوك شبه يومي يتسم بديناميكيته وتعدد وجهاته، فأينما تتجه تجد أبناءنا الطلبة في رحلاتهم المدرسية، واستمتاعهم بما يشاهدونه من معالم حضارية وبيئات جمالية ومواقع اثرية وتاريخية تتوزع بين: مولات ومراكز تجارية كبرى، ومتاحف وبيوت تاريخية وتراثية وأسواق شعبية، وواجهات بحرية، وشواطئ مبهرة، ومتنزهات جميلة، ومكتبات ومراكز استكشاف وحاضنات ابتكار، ومباني حضارية شامخة يشكل مبنى مجلس عمان في بنائه وردهاته وشرفاته وجمالياته وجهة تعليمية وسياحية لطلبة العلم ومؤسسات التعليم .
وعليه كان التأكيد على استمرارية هذه الرحلات وتعميق البعد النوعي فيها عبر ما ترصده من محطات تأمل وتشخيص، وفرص لإعادة بناء القناعات الايجابية وتعزيز روح الانتماء نحو ما يحتضنه هذا الوطن الغالي من معالم حضارية وتراثية وتأريخ وبيئات سياحية، وتعزيز المسؤولية لدى مجتمع الطلبة في تعاملهم مع الأدوات المعروضة في هذه المواقع كالمتاحف والمباني الحضارية والتراثية وطريقة استخدامها والمحافظة على نظافتها والتزام الهدوء فيها إلى غير ذلك من القواعد السلوكية والمعايير الأخلاقية والقيم والمفاهيم السياحية التي يكتسبها الطلبة من خلال المواقف واللقاءات والحوارات والتعريفات والمحاضرات وفق برنامج الزيارة.
وأخيرا فإن القيمة التي تحققها الرحلات التعليمية منطلق لتبني سياسات داعمة لتعميق البعد السياحي في التعليم من خلال رصد أعداد ونواتج هذه الرحلات التي تنفذها المدارس وما حققته على صعيد التنمية السياحية الذاتية والتعريف بالمنجز السياحي الوطني سواء في محافظة مسقط أو محافظات السلطنة المختلفة.