كتب- المدرب.محمد البلوشي /
يقول المثل الإنجليزي “الحب الذي يتغذى بالهدايا يبقى جائعا على الدوام”، سنستخدم هذا المثل من زاويته الايجابية ونحيد به عن سياقه الحقيقي. في عمليات العرض والطلب لابد أن يبقى الآخرون جوعى لما تعرضه، سواء كنت تاجرا أم مؤسسة أو أي شيء آخر. في السياحة هناك علاقة بين الأماكن والسائح، المكان والبيئة يجب أن تكون مثيرة ومصدر جذب، وبالعودة للمثل الانجليزي يجب أن يكون لديه هدايا ومفاجآت تجعل من السياح مستثارون دائما ومستعدون للزيارة، لذلك اختلف مفهوم صناعة السياحة في العالم بأسره، فبعد أن كان في الماضي مقتصرا على المقومات البيئية والجغرافية والتاريخية التي دائما ما تجذب السياح إليها، تمت إضافة وسائل جذب مصنوعة بفعل البشر مثل المهرجانات الفنية والادبية والبنى التحتية مثل مراكز التسوق والمطاعم الجميلة وغيرها، ثم إضيفت المهرجانات الرياضية وكل ما من شأنه أن يولد فضولا لدى السائح. في هذا الطرح سنناقش وسائل الجب الرياضي أو ما يعرف بالسياحة الرياضية وخصوصا تلك المتعلقة بكرة القدم.
لماذا كرة القدم؟
تشير الاحصائيات الرسمية أن عدد من شاهدوا مباريات كأس العالم عبر التلفاز 141 مليون مشاهد، هذا الرقم يتجاوز من شاهدوا أي فعالية أخرى مهما كانت نوعها، ويجب أن نأخذ بالإعتبار أن معظم القنوات كانت مشفرة وتفرض رسوما على المشاهدين، وتشير التقديرات أن العدد كان سيرتفع إلى أكثر أكثر من 400 مليون مساهد لو كانت البطولة تعرض مجانا وبدون تشفير، وعلى الرغم من ذلك تتفوق كرة القدم على أي شيء آخر تم عرضه في التلفاز سواء كان مشفرا أو مجاني، وهذا يبين مدى تأثير اللعبة الشعبية الاولى على البشر. لذك تم اختراع السياحة الرياضية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، وبادرت مؤسسات رياضية مثل ريال مدريد وبايرن ميونخ وبرشلونة ومانشستر يونايتد وغيرها من الاندية الشهيرة بإنشاء المتاحف الرياضية ثم بدأت تفرض رسوما في وقت لاحق على زوار تلك المتاحف الرياضية، إلى أن وصلت مؤخرا أسعار تذاكر ملعب ريال مدريد لسياح الذين يزون البنية التحتية للملعب ومرافقه ومتحفه إلى 19 يورو للفرد الواحد. هذا الرقم يفوق أسعار تذاكر مباريات لأندية أخرى ويزيد أيضا عن أسعار تذاكر السينما والمسرح والمهرحانات الموسيقية العالمية.
تفعيل البرامج السياحية
بعد تطور مفهوم السياحة الرياضية بادرت وزارات السياحة في الدول الرائدة على المستوى السياحي مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا إلى الاهتمام بمفهوم السياحة الرياضية وطورت العديد من البرامج لتفعيل هذا الجانب الذي يجذب قطاعا كبيرا من عشاق اللعبة حول العالم. تلك الدول رائدة في مجال كرة القدم لذلك يمكن اعتبار اهتمامها بالسياحة الرياضية طبيعي ولكن دول أخرى نامية كرويا دخلت مجال السياحة الرياضية وأبرز تلك الدول هي الولايات المتحدة الامريكية التي شهدت نشوء شركات خاصة تهتم بتنظيم المباريات العالمية لأفضل المنتخبات والاندية في العالم على أراضي الولايات المتحدة الامريكية، لقد أدركوا أن كرة القدم منتج مثير وفعال لجذب السياح من الداخل والخارج. لقد درست تلك الشركات التجارب الاوربية بعناية فائقة، ولنأخذ إسبانيا التي يزورها 60 مليون سائح كل عام وفق إحصائات عام 2010 كمثال حيث تشر بعض الدراسات أن إسبانيا تستقبل سنويا ما يقارب مليون زائر لملاعبها ومتاحفها الرياضية ولمشاهدة مباريات أنديتها، هؤلاء لا يأتون جميعا للسياحة الرياضية فقط ولكنهم يتفاعلون مع العرض الاسباني في هذا الجانب. كرة القدم وسيلة جذب وتعريف بالدول، هذا الأمر أصبح متعارفا عليه، فمعظم الذين يعرفن البرازيل يحبون هذا البلد بسبب كرة القدم.
السياحة الرياضية في السلطنة
بعد هذا الاستعراض البسيط عن أهمية السياحة الرياضية وخصوصا كرة القدم، علينا مناقشة تفعيل السياحة الرياضية في السلطنة. في عام 2010 إستضافت السلطنة منتخب البرازيل الذي كان يستعد لمونديال جنوب أفريقيا في ذلك العام. حينها قمنا بالتعاون مع الاتحاد العماني لكرة القدم برصد اصداء تلك المباراة في العالم وتمكنا من رصد بعض الارقام في محركي غوغل وياهو الشهيرين على الإنترنيت، ففي محرك البحث الشهير كتبنا مباراة عمان والبرازيل الودية، وجدنا أن هناك أكثر من 34 ألف خبر وموضوع متعلق بتلك المباراة. بعدها استعرضت ما تم نشره في أبرز الصحف الرياضية في العالم مثل لا جازيتا ديلو سبورت الايطالية وبيلد الالمانية وماركا الاسبانية وجلوبو البرازيلية وأوليه الارجنتينية وغيرها عن تلك المباراة، فوجدنا أنه تم نشر أخبارا عن المباراة على مدى ثلاثة أيام، اليوم السابق للمباراة ويوم المباراة واليوم التالي لتلك المباراة، تلك الصحف لها متابعين بالملايين على شبكة الانترنت، ولأن منتخب البرازيل كان طرفا نشرت صحف رياضية من هندوراس وبوليفيا والهند والصين واليابان ومعظم دول العالم أخبارا عن تلك المباراة مما يعني أن إسم سلطنة عمان ورد على مسامع الملايين حول العالم. تلك وسيلة تعريف بعمان ماكانت لتحدث حتى لو أنفقنا الملايين، مباراة في كرة القدم تكفلت بالأمر!.
عندما يأتي ريال مدريد بنجومه الكبار وليس المتقاعدين إلى قطر يذهب المشجعون إلى قطر من كل دول المنطقة لمشاهدة نجومهم المفضلين، لذلك علينا في عمان التفكير مليا في استضافة تلك الأندية والمنتخبات ودعوة مشاهير كرة القدم لزيارة السلطنة، ويمكن تنظيم بطولات ودية بين أفضل الفرق العالمية واتخذ هذا الجانب كوسيلة جذب سياحي والعمل على تسويق هذا المنتج الرئج بطبيعته في السلطنة ولكن ذلك يجب أن يكون وفق رؤية مدروسة وغير ارتجالية.
صحفي برازيلي معجب بالسلطنة
الصحفي البرازيلي الشهير كارلوس فيراري الذي رافق المنتخب البرازيلي في زيارته للسلطنة وضع صور من عمان على صفحته في موقع الفيس بوك، وصور عمان الجميلة هي الصور الرئيسية لصفحته أي صفحة الرئيسية ولهذا الصحفي الرائع والصديق العزيز العديد من المتابعين في البرازيل وأوروبا، لقد سحر بالسلطنة التي لم يكن يعرف عنها شيئا قبل تلك المباراة، كارلوس فيراري وضع صورة من عمان منذ عام 2010 ولم يستبدلها إلى يومنا هذا!. وبلاده البرازيل الرائدة في كرة القدم يزورها في كل عام أكثر من مليون سائح بسبب كرة القدم، فملعب الماراكانا التاريخي يستقبل في كل عام ما يقارب النصف مليون زائر أجنبي لهذا الصرح التاريخي المثير. البرازيل تضع كرة القدم كجزء اساسي في برامج الترويج السياحي. وحذت إسبانيا حذوها في السنوات العشر الاخيرة.