مرافىء | البحث عن أليستر

بقلم: حمود بن سالم السيابي | إنها “أليستر” وإنه الشتاء، والبحيرة الضاحكة التي تركتها في الصيف ما عادت نفس البحيرة، بعد أن تخلصت من شالها الأزرق، وانطوت عابسة داخل أغطيتها الرمادية الثقيلة، والبجعات التي تغزل صفحة الماء وتتعارك من أجل كسرة خبز ألقاها عاشقان ما عادت نفس البجعات، وما عاد يغريها التنصت لأحاديث العابرين وآهات  الحالمين وبوح الشعراء، والشقاوات مع الأطفال، وما عادت تكترث لكل الأيدي الملوحة بكسرة خبز أو قبضة  من “فشار”، ولا التماسات الهواة الذين يلحون عليها للمجيء لاقتناص لقطة من كاميرات الهواتف.
والأشجار التي أعتادت استعراض شموخها واخضرار غصونها المثقلة بالورق والزهر تخلت عن خضرتها واغصانها وأوراقها وزهرها، لتبدو كهياكل عظمية تلقي بظلها الباهت على الماء، فتزيد من كآبة المكان.
ولكي أهرب من قتامة المشهد المتوتر بحزن البحيرة وعري الشجر وعناد البجعات الكسولة، أستعيد نخيل بلادي وهي ترفل كل شتاء بشالاتها الخضراء، وتحتفظ للصيف بذات الحلل.
واستعيد مشاهد أفلاج بلادي وهي تتلألأ كفضة الخناجر كل شتاء، وقبل أن يحل الصيف تفتش في مناديس الأمهات عن الصوغ لتلبسه ولترفل في السواقي كأنهار من لجين.
إن الأماكن الجميلة هي التي تعطي بسخاء أجمل ما لديها منودون ان تتحجج بتعاقب الفصول، كنخيل بلادي الدائمة الخضرة، وكأفلاح بلادي الدائمة التدفق، وكالناس في بلادي بصفاء الصيف وحميمية الشتاء.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*