يكتبه: د. رجب العويسي|
مع القناعة بأن السياحة نُهُج مستدامة التأثير، حاضرة في كل وقت وحين، وأن الجهد السياحي لا يحده زمان أو مكان أو موسم أو مرسم، نظرا لطبيعته الاجتماعية والإنسانية بما تحمله من روح التغيير والاستجمام، والسفر والتنقل، والشعور الإيجابي الذي تولده الطبيعة بما وهبها الله من بيئات جاذبة ووجهات نوعية ملهمة لمزيد من المتعة والفائدة؛ إلا أن سمة الخصوصية السياحية لا تمنع ارتفاع مستوى النشاط السياحي بحسب طبيعة الظروف والعوامل المؤثرة، فمثلا يعتبر فصل الصيف من أكثر المواسم التي تنشط فيها حركة السياحية الخارجية والداخلية أيضا، كما أن الإجازات الوطنية في الموسم الشتوي ترفع من سقف السياحة الداخلية والتنقل بين ولايات سلطنة عُمان لمزيد من الاحتواء العائلي واللقاء الاجتماعي.
ونظرا للميزة التنافسية لفصل الصيف لما يحتويه من خيارات وبدائل سياحية أكثر تنوعا ونضجا، فإنه اختبارا عمليا للجهد السياحي للمحافظات، فارتفاع درجات الحرارة من المؤمل أن يوازيه ارتفاعا في الجهد السياحي المقدم من قطاعات الدولة المعنية بالسياحة ودور المحافظات في تعزيز التنافسية السياحية، وبناء سياسات ونهج سياحية قادرة على صناعة الفرص.
فالصيف بطبيعته المتفردة يمثل مقياسا عمليا واختبارا دقيقا لمستوى كفاءة هذا الجهد السياحي وبوصلة عمله، ومدى إنتاجيته وكفاءة عملياته التخطيطية والتنظيمية والتسويقية والاستشرافية والتطويرية ودرجة التكامل والتنسيق والتفاعل الحاصل بين مختلف مكونات البناء السياحي.
عليه فإن أية نجاح في إدارة سياحة الصيف، وترقية الشعور والمزاج العام حوله، وتصحيح الصورة السلبية التي باتت تسقطها مدى كفاءة الممارسة السياحية والخدمات المتوفرة في الوجهات السياحية على ثقة المواطن والسائح في الجهد السياحي، يؤكد في الوقت نفسه على أن تمثل سياحة الصيف دروسا متعلمه يجب الاستعداد لها في بقية أيام العام، واختبارات عملية متناغمة مع المعايير ومتوافقة من احتياجات الإنسان ورغباته، وأن الجهد السياحي المقدم من المحافظات يجسد فعليا حجم الاستعدادات والجاهزية المبكرة، التي تقترب من حس المسؤولية والإخلاص، وتوظيف الميزة النسبية للمحافظات في تنويع الخيارات الاقتصادية وتنشيط حركة السياحة الداخلية، بحيث يبني المواطن في استيعابها، والتعامل مع محتواها، وفهم دروسها، فرص نجاح متجددة في حياته الشخصية والمهنية والاقتصادية.