مقال| سلطنة عُمان في معرض برلين الدولي للسياحة وعين على المكاسب المتحققة

 د. رجب العويسي|

يعد معرض بورصة برلين الدولية للسياحة، منصة تاريخية بلغت الثامنة والخمسين من العمر، تعكس روح السياحية وجوهرها، وتنتقل بها من مجرد كونها وجهات ومواقع ومنشآت فندقية ، لتصبح جسور تواصل ممتدة وخيوط التقاء عالمية متجذرة، لنشر ثقافة السلام والتعايش والتنمية والحوار.

 ولم يعد هذا المعرض الذي تتجه أنظار الدول والشركات إليه بما يستقطبه من عمالقة السياحة العالمية وروادها وخبرائها وصنّاعها وقادتها، كما يستقطب العقول الاستراتيجية والمستثمرين وأصحاب المال ورجال الأعمال، والمروجين للسياحة، حالة اعتيادية لمجرد التعريف بالفرص السياحية الواعدة والمتنوعة في الدول؛ بل في فهم أعمق للثقافات والأفكار والتصرفات والخصوصيات التي باتت تشكل أهمية كبرى في قراءة اقتصاد السياحة وتبنى عليها نجاح فرص الاستثمار السياحي وتبادل الخبرات والمنافع، وإنتاج نماذج عالمية من واقع الفرص السياحية والميزات التنافسية للدول، وتوطيد العلاقات مع الطبيعة والانسان والقيم والأخلاق في زمن يشهد غوغائية السياسة وانحرافها.

ونظرا لما تشكله السياحة في أولويات رؤية عُمان 2040، وتعزيزا لتوجه سلطنة عُمان نحو تمكين السياحة الوافدة، والتي سجلت ارتفاعا خلال عام 2023 حيث بلغ عدد الزوار 4 ملايين زائر، والتوجهات الوطنية في الاستفادة من الخبرات الدولية في صناعة اقتصاد السياحة والتي كانت أحد أجندة الزيارة السامية لجلالة السلطان المعظم إلى جمهورية سنغافورة؛ لذلك فإن المكاسب المتحققة من مشاركة سلطنة عُمان كضيف شرف في معرض بورصة برلين الدولية للسياحة لعام 2024 فرصة لبناء سياسيات وطنية أكثر نضجا ومعيارية وابتكارية في إعادة انتاج ورسم دور السياحة العمانية القادم، والاطلاع على التجارب السياحية العالمية والخبرات النوعية لتستفيد منها الدول في سياساتها الوطنية وخططها وبرامجها المعززة لصناعة اقتصاد السياحة وتحقيق التنوع الاستدامة فيه.

 أخيرا، يبقى الانتقال من اعتيادية الشواهد التي تتحدث عنها الاحصائيات والمؤشرات السياحية الوطنية إلى كونها محطة تحول تستهدف إعادة بناء اقتصاد السياحة وضمان التكاملية والتفاعلية في كل المكونات، مع توجيه الاهتمام بالمبادرات والنماذج السياحية والاعلاء من شأنها لتشكل نواة للسلطنة يتجه الاهتمام العالمي نحو التعمق فيها وقراءة أبعادها، سوف يضع سلطنة عُمان أمام تحولات قادمة في صناعة النماذج السياحية التنافسية وتصديرها عالميا، واضعة في الحسبان القيمة المضافة لهذه التظاهرة الدولية بما تضمه من نماذج أصيلة، ومحتوى متنوع، وفرص واعدة، ومستثمرين وإعلاميين ومروجين وصناع المحتوى السياحي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*