يكتبه: د. رجب العويسي|
تمثل معارض الكتاب تظاهرة ثقافية فكرية أدبية سياحية عالمية ، بما ترفده من انتاج علمي متعدد التخصصات متنوع الاهتمامات، تتنافس فيه دور النشر المتخصصة حول العالم في تقديم ما لديها من أحدث الانتاجات الفكرية والمؤلفات المعرفية والأدبية والعلمية الورقية والالكترونية على حد سواء، وما تذخر به من برامج تثقيفية وعلمية وحوارات فكرية ونقاشات ولقاءات مع صناع القرار والمبتكرين العالميين والحائزين على جوائز عالمية في العلوم والأدب والفكر والثقافة وأصحاب المواهب الناشئة من طلبة المدارس والجامعات، فرصة للقاء العالم تحت مظلة الكتاب وبين أرففه.
ويأتي معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يحتضنه مركز عمان للمؤتمرات المعارض محطة متجددة لتعظيم سياحة الكتاب كأحد صور إعادة الإنتاج الثقافي والأدبي، وتأطير عملي لمسار السياحة الثقافية، التي باتت تحظى باهتمام عالمي، بما تحويه معارض الكتاب من دور نشر عالمية وإقليمية ومحلية، حيث يجتمع الفكر الأصيل، وتتأصل أبجديات القراءة في حياة الناشئة والمجتمع، وتبرز روح الثقافة في صناعة الوعي الإنساني في تعددها وتنوعها واتساع مشاربها، حاملا معه الكثير من الدلالات حول التواصل الثقافي الإنساني العالمي الذي يصنعه الكتاب، وتعبير عما الموقع الذي يحتله الكتاب في الثقافة العمانية.
وبدوره يمثل الكتاب سياحة عالمية مستدامة للميزة التنافسية التي يحققها في بناء حوار انساني وتكامل معرفي، وإنتاج مساحة تأملية تعيد الحافز الإيجابي للإنسانية في ظل حالة السقوط الأخلاقي الدولي والسياسة الغوغائية التي أظهرتها الحرب على غزة ، لتظل لغة الكتاب جسور اتصال ممتدة لهذا العالم رغم الانتكاسات وغربة المشتركات، حاملا معه رسالة السلام والود والتقارب، في عمق المحتوى، وسمو الفكرة، ونهضة الوعي، ورصانة الفكر، وحياة القراءة ، ليثبت للعالم أجمع أنه سفير الثقافة والفكر، يؤمن بالسلام والعدالة، وحرية التعبير الأصيل، فلا وجود للأنانية في حضرة الكتاب، ولا مجال إلا لفهم الآخر من خلاله.
وفي عظمة التوجهات الثقافية الوطنية التي جسدتها الإرادة السامية لجلالة السلطان المعظم بوضع حجر الأساس لمجمع عمان الثقافي، يبقى الرهان على السياحة الثقافية وصناعة الكتاب، والتي يشكل معرض مسقط للكتاب أحد نماذجها الرائدة، فرصة استثمارية تسويقية لانطلاقة متجددة للسياحة الثقافية في أبعادها الفكرية والعلمية والمعرفية وصناعة المحتوى الرقمي الأصيل.