جريدة وجهات أول جريدة عمانية مختصه بالسفر و السياحة
يكتبه: حمدان البادي|
قبل أن أعود لمحافظة ظفار سائحا، ذهبت لها مرات عديدة في نهاية التسعينيات، ذهبت إليها جوالا أحمل حقيبة على ظهري وأرتدي الزي الكشفي الخاص بمرحلة الجوالة يحتضننا سهل آشور لأيام ونجوب السهل والجبل سيراً على الأقدام في أيام أخرى، ضمن رحلات الاستكشاف والمغامرة وحين يحل المساء ننصب خيامنا الشخصية ونطهو طعامنا في الخلاء وننصت لحفلات السمر الكشفية التي نقيمها ونحن نتحلق حول نار حرصنا على صف الخشب بشكل هرمي لتبقى مشتعلة أطول فترة ولتضيء المكان قبل أن نأوي إلى خيامنا ونغط في نوم عميق حتى قبيل الفجر.
نتحرك وفق نظام كشفي صارم يسعى لتأهيلنا لحياة الطبيعة أصل الحياة وتكون الإنسان يدفعنا للتأمل والتدبر في حياتنا ونردد الصيحات الكشفية “كشفية أتينا.. بروية مضينا.. وبالدنية ولا لا لا ما رضينا”. ما يزيد من متعة الاستكشاف والمغامرة إننا نمشي عشرات الكيلو مترات بحثا عن إحداثيات وضعتها اللجنة المنظمة لتدلنا على مكان التخييم والإقامة، أذكر إقامتنا على شاطئ مرباط وفي منطقة انعدام الجاذبية، وفي الطريق الواصل إلى عين اثوم ، في إحدى المرات خيمنا في سهل أتين، ليلتها صنعت لنا الأمطار ذاكرة لا يمكن أن تنسى ولو لا خيامنا الصغيرة المقاومة للمطر لما قاومنا تلك الليلة. يحتضننا المخيم الكشفي الدائم بسهل جبل آشور حيث نطل من الجرف الصخري على البحر وننظر إلى الجبل الذي يكسوه الضباب من الجانب الآخر ، ونحن نحيي عُمان كل صباح ونهتف باسمها، وعلى سهل آشور استقبلنا شباب من مختلف البلدان العربية تقاسمو معنا تلك الأيام. حين تذمرنا ذات مساء من نوعية الوجبات التي تقدم قال لنا قائدنا عبد المجيد رزق-رحمه الله- ، “لسنا في نزهة حتى نطلب ما نشتهي” مع أن الأكل لم يكن سيئا بل كان منوعاً ويعد وفق أهداف معينة بما يمنحنا الطاقة لاستيعاب أنشطة المخيم اليومية. نصنع أعمالنا الريادية وننتظر لجنة التفتيش الصباحية التي تتأكد من أننا قمنا بترتيب أسرتنا وتهوية خيامنا وأحذيتنا، نختم مخيمنا ببرنامج تطوعي نقدمه لظفار كأن نخرج في حملة توعية أو نمد يدنا للطبيعة لنزيل ما تركه بعض المستهترين من مخلفات، نشارك في حملات التشجير وأحيانا في حملات التبرع بالدم.
لهذا يعج سهل آشور بالمخيمات الكشفية لمختلف المراحل السنية ويتصادف أن تتم استضافات خليجية وأخرى عربية ودولية حيث يلتقي الكشافة في ظفار .
مضت أكثر من عشرين عاما ولاتزال تفاصيل تلك الصباحات عالقة بالذاكرة ولعل الزملاء يتذكرون صيحتنا الختامية وين أيامنا وين.. وين قضيناها.. راحت في غمضة عين.. يا محلا ذكراها. تحية حب وتقدير لكل القيادات التي ساهمت في تكويننا وهي حاضرة بيننا وقد نذرت نفسها لهذا العمل التطوعي وتواصل العطاء لرفد الكشفية بتلك الخبرات، ورحم الله من غادر منهم وجزاهم عنا كل الجزاء.
Halbadi03@gmail.com
