يكتبه: د. رجب العويسي|
يأتي طرحنا للموضوع متفقا مع ما يؤكده واقع اقتصاد المعرفة اليوم من أن الأصول الفكرية والتراثية غير المادية، وما يصحبها من برامج التعليم والتثقيف والاعلام والتسويق والبحث العلمي والابتكار تشكل أهمية كبرى في دعم الاقتصاد، والرصيد التراثي المادي بكل مكوناته واشكال التعبير الثقافية المختلفة التي تميزت بها سلطنة عُمان، موارد ثقافية متجددة في سبيل إعادة الإنتاج التراثي وتطويره اقتصاديا بما يتناغم مع منظومة الاستثمار للمستقبل، والمحافظة على استدامة الهوية والقيم التراثية في سلوك المجتمع وممارسات الأجيال القادمة.
وبالتالي أهمية الاستمرار في تكامل الجهود الوطنية، وتناغم آليات العمل الموجهة نحو توظيف التراث وتوجيهه لخدمة الاقتصاد والتنويع الاقتصادي وصناعة النماذج الوطنية الثقافية والتراثية في هذا المجال، بما يضمن تعظيم القيمة التنافسية المضافة للثقافة والتراث المادي وغير المادي وتأكيد حضورها في السياسات والخطط والبرامج السياحية، وإضافة ممكنات أخرى تضمن قدرة مكونات النسق السياحي الحالية بما تضمه من تشريعات وقوانين وقواعد السلوك والاستراتيجيات في احتواء المبادرات الثقافية والتراثية السياحية والحفاظ على حقوق العاملين فيها والقائمين على إدارتها ورعايتها.
كما أن دعم حضور المواطن في السياحة التراثية وتعظيم القيمة الاقتصادية والاستثمارية لها وتحسين التشريعات وتقديم الامتيازات والحوافز والتسهيلات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمواطنين في الاستثمار في المواقع التراثية كالقلاع والحصون والبيوت الأثرية والتاريخية والحارات القديمة والأسواق التقليدية، استحقاقات تضيف للمفردة السياحية فرصا تنافسية وتسويقية تتناغم مع الاهتمام العالمي بالسياحة الثقافية والتراثية والجوائز الدولية التي رصدت لمبادرات الدول في هذا المجال.
أخيرا تبقى الإشارة إلى أن مبادرات توظيف التراث العماني في سوق نزوى ومسفاة العبريين، نماذج رائدة لصناعة مستقبل اقتصاد السياحة الثقافية والتراثية في سلطنة عمان، فإن الاستمرار في دعم هذه النماذج والتوسع والتنويع فيها، ودراسة العوامل والممكنات والفرص التي أسهمت في نجاح هذين النموذجين السياحيين، وتوجيه المحافظات والقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى تبني مبادرات سياحية اقتصادية مبتكرة، الطريق لصناعة مستقبل واعد لهذا القطاع وتوجيه اهتمام الأجيال القادمة وارتباطهم به.