يكتبه: د. رجب العويسي|
يطرح مفهوم أنسنة المدن بما فيها من أنسنة الشوارع وإنسانية المرور، اليوم تحولا استراتيجيا في تأصيل جودة الحياة وتحقيق السعادة للإنسان، في ظل ما باتت تمثله الشوارع من سلوك يومي يقضي فيها مستخدم الشارع جزءا كبيرا من وقته اليومي لأداء عمله أو قضاء بعض حوائجه.
ومن منطلق أن البعد الجمالي ووجود الطريق وسط مساحات خضراء يعطي ايحاءات إيجابية ويمنح النفس مزيدا من الاريحية والمزاج العالي، إذ أن الصورة الذهنية التي تتولد لدى مستخدم الطريق بمجرد رؤية المناظر الجميلة تبعث على الهدوء النفسي والتفكير الايجابي، وامتصاص الشحنات السلبية التي تكونت لدى سائق المركبة حول الممارسات والسلوكيات غير السارة على الطريق.
ومع أن شارع مسقط السريع يشكل أحد أهم شرايين الحركة المرورية في محافظة مسقط للميزات التنافسية فيه، إلا أنه يفتقد كليا للبعد الجمالي الذي يصنع لمستخدم الطريق ذائقة جمالية متجددة، يشعر خلالها بأن الطريق يؤدي دورا آخر إضافة إلى كونه مسارا للمركبات بما تمنحه البيئة الجمالية – إن وجدت – من فرص تعيد انتاج أفكاره وتوفر له قناعات إيجابية حول الكثير من السلبيات الناتجة عن الازدحام المروري.
من هنا نعتقد بأهمية أن يشهد هذا الشارع تحولا جذريا في بنيته الفنية الناعمة، فمع الأوامر السامية بتوسعته، تأتي أهمية مراعاة البعد الجمالي والذائقة السياحية في الشارع، وعبر توفير مجسمات تراثية وجمالية، وتوفير مواقف للشاحنات بين كل 5 كيلومترات، واستغلال بعض المرتفعات والمنخفضات على جانبي الشارع في تنفيذ بعض المسطحات الخضراء والشلالات المائية، وتشجير المساحات الواسعة بين الجسور لإعطاء مناظر جميلة ومساحة أمان نفسية.
إن التفكير بإضافة البعد الجمالي لشارع مسقط السريع، بجانب ما يؤديه من دور في إعطاء مستخدم الطريق ايحاءات إيجابية سارة يستطيع من خلالها ان يتجاوز تأثير الازدحام المروري، فإنه في الوقت نفسه يمكن أن يعزز من انسيابية الحركة المرورية، إذ أن من بين أسباب الازدحام المروري هو وقوف المركبات الثقيلة على كتفي الشارع والارصفة، هذا بالإضافة إلى الحد من التعدّي على إحرامات الشارع التي باتت تواجه خطر الزحف العمراني، مما يفقده خصوصيته وميزاته.