يكتبه: محمود النشيط|
إعلامي بحريني
نكمل اليوم مجريات رحلتي من مملكة البحرين إلى مطار القاهرة وما جرى فيها من أحداث عديدة للعبرة والفائدة لكل المسافرين الذين لا يدركون الحكمة فيما تكتبه لهم الأقدار في سفرهم حتى وإن طالهم التأخير مقابل سلامة الوصول التي يؤمنها لهم طاقم الطائرة تحت كل الظروف. تحولت إنسانية بعض المسافرين من التعاطف إلى مصالح شخصية ربما يفسرها البعض “أنانية” بأن عناد المريض ويأخرهم عن الوصول في الوقت المحدد وهناك من ينتظرهم في المطار في قلق، وإن على الطيار اتخاذ قراره الفوري بالقبول برأي المريضة وهذا الأمر الذي لا يستطيع أن يتخذه من دون الحصول على إقرار الإسعاف في الوقت الذي تصر على العناد، وزادت حالة الفوضى أكثر في الطائرة.
يبدأ فصل آخر بدخول الأمن المدني السعودي للطائرة ويصر على أن تقبل المريضة أوامر الطبيب وإن سلامتها في المقام الأول، والسماح لها بالسفر مجازفة كبيرة بحياتها، وإن شركة الطيران لا تريد تحمل هذه المسؤولية مع تقديم الكثير من الإغراءات لها بتسهيل سفرها فوراً في الرحلة القادمة بعد تلقي العلاج والاطمئنان عليها حتى قبلت بعد حوالي ساعة ونصف.
فصل جديد لم يكن متوقعاً خاصة بعد أن شاهد الجميع سيارة الاسعاف وقد نقلت المريضة، ويتم إنزال حقائبها من بطن الطائرة، إلا أن شاحنة تزويد الوقود ما زالت تحت الجناح لم تتحرك وهو الذي لا يعرف عنه من هم في الجهة اليمنى من المقصورة.
الطيار يعلن للمسافرين عن التحرك بعد خمس دقائق ومن ثم يتبعه بإعلان آخر في انتظار انتهاء بعض الإجراءات من قبل إدارة المطار حتى يأتي الإعلان الثالث منه ليعلن الحركة بعد عشر دقائق مما زاد حالة الغليان والفوضى بين المسافرين المزعوجين من هذه الإعلانات بلا تنفيذ.
في آخر الطيارة تنشب مشاجرة بين مسافرة مستاءة ومضيفة الطيران، وفي المنتصف مسافر مريض يثور عضباً حتى تصرخ مسافرة في المقدمة بأغلى كلامات الرفض الهجومية التي بلا شك سمعها القبطان في مقصورته المغلقة تحت حماية رئيس المضيفين الذي يحاول تهدئة الأجواء قدر الإمكان.
وضع كان على الأقل جديد بالنسبة لي وللكثيرين ممن يسافرون أن تعترضهم هذه المواقف التي لها أسبابها الخاصة التي يعرفها طاقم الطائرة، والمسؤولين عن الأجواء بالسماح للطائرة بالحركة في الوقت الذي يتوقع هبوط طائرة لذات المطار الذي لم يكن كبيراً لتلقي مثل هذه الحالات.
طارت الطائرة بعد حوالي ثلاث ساعات وفي طريقها تعرضت للمطبات الجوية القاسية بعض الشي إلا أنها الحمد لله وصلت وجهتها في أطول رحلة مضاعفة الوقت والجميع يحتفظ في ذاكرته برحلة كلها أحداث شارك فيها الجميع حتى بصبرهم والأطفال بصراخهم بعد طيلة الحبسة بالطائرة مقابل من عبر بصوته احتجاجاً على كل الأمور.
الحمد لله على السلامة هبطت الطائرة لتبدأ أحداث لا أشك إنها تبعات ما جرى لتجد هناك من يتذمر على رسوم التأشيرة، أو تأخر شنطة وتلك السيدة التي علا صوتها في الطائرة آخر الخارجين من المطار بعد أن وجدت شنطتها مكسورة ولم تجد من يلتف حولها بعد أن توجه الجميع لبوابة الخروج وهي تصرخ تطالب بالمسؤول عن كل ما لحق بها في الرحلة.
رحلة فيها مسافرون يتمتعون بشخصيات مختلفة لا يعرفون بعضهم جمعتهم الطائرة والوجهة إلا أنهم تعاملوا مع الحدث كلاً حسب وجهة نظره وقراره المستقبلي بناءً على معطيات كثيرة بينها إنسانية وإدارية وربما إجتماعية أيضاً.