يكتبه: د. رجب العويسي|
تحفل سلطنة عمان بمورث حضاري سياحي تاريخي انساني اقتصادي حافل بالفرص والدلالات، وتشكل الأسواق التقليدية أحد أهم معالم هذا الموروث التي أسهمت في تنشيط الحركة الاقتصادية والتواصل الاجتماعي بين الولايات في فترات سابقة، وعززت من فرص التكامل والامن الغذائي والاعتماد على النفس وتوطين بعض البضائع والمواد الاستهلاكية وغيرها.
والمتابع لحال بعض هذه الأسواق اليوم يجد بأنها تعيش حالة من الاندثار من دون أن يكون لبصمات التجديد والتحديث فيها أي حضور، وهو ما يؤسس في ظل معطيات التمكين واللامركزية والإدارة المحلية للمحافظات في الاستثمار في مواردها السياحية أهمية إعادتها إلى حاضرة التطوير، لتؤدي دورها الحضاري والاجتماعي والاقتصادي والسياحي، بحيث تشكل مع بيئات التسوق الحديثة – المولات والهايبرماركت وبيئات التسوق الأخرى – محطات تسوق متجددة في تعزيز التكامل بين هذه الأسواق.
ولمّا كان لهذه الأسواق من حضور في ثقافة المواطن والمقيم والسائح، تارة للتسوق والتبضع وشراء المستلزمات اليومية المختلفة، وتارة للتنزه والاستمتاع بجمالياتها وما تمثله كل منها من ميزة تنافسية نسبية لتشكل جميعها مائدة لسلة المواطن الاستهلاكية، وفسحة سياحية تبرز الذائقة الجمالية لهذه الأسواق، وفي ظل القيمة التنافسية للتراث الثقافي الاقتصادي ودور هذه الأسواق في تحقيقه.
لذلك كان من الأهمية تبني سياسات وطنية أكثر نضجا وابتكارية في إدارة هذه الأسواق وتنظيم بيئات التسوق على مستوى الولايات والمحافظات، وخلق حس التكامل بينها مجتمعة، وترقية أساليب إدارتها والاشراف عليها، وصناعة نماذج متكاملة لهذه الأسواق للاستثمار فيها من القطاع الخاص، ولا يكفي إيجاد تقسيمات مؤسسية معنية بهذه الأسواق من حيث عمليات المتابعة والصيانة لها، بل أيضا بإعادة الاهتمام بالأسواق التقليدية وإشراك القطاع الخاص في إبرازها في ثوبها الحضاري المتجدد.
ويبقى ترقية الدور السياحي والاقتصادي والاجتماعي التكاملي للأسواق وبيئات التسوق، مرهون بالتثمير الشامل والجاد فيها، وتبني برامج تسوق ذكية بنظم الاستشعار عن بعد، وأجهزة العرض المرئي والمباشر لحركة الأسواق الشعبية والتحولات الإيجابية التي تعيشها، وجعلها بيئات تسوق داعمة للمواطن تحط فيها رحال منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومشاريع الشباب والطلبة، وغيرها من الفئات المنتجة في المجتمع.