يكتبه: د. رجب بن علي العويسي|
يمثل المرشد السياحي اليوم واجهة السياحة الوطنية في التعريف بتاريخ عُمان وتراثها الحضاري العريق، والوقوف على تفاصيل الميزة السياحية التنافسية للسلطنة؛ وهو في ظل اختلاطه بالسياح الوافدين في تنوع ثقافاتهم، يقدم نموذجاً عمليا للتمازج الفكري السياحي لإنتاج أفكار إبداعية تخدم السياحة الوطنية، ليقدمها للعالم بأسلوب مهني متخصص تعلوه الحكمة والأناقة، والذائقة الجمالية، ورحابة الصدر، وعمق الثقافة في الإجابة عن التساؤلات التي يطرحها السائح، أو تصحيح الصورة المغلوطة لدى السائح الوافد عن التراث والتأريخ وغيره.
ولمّا كان اقتصاد السياحة يقوم في أحد مرتكزاته على الكفاءة الوطنية في التسويق، وخلق حالة الابهار الفعلي فيه، فإن وجود المرشد السياحي وحضوره الفاعل في منظومة التطوير السياحي أصبح خياراً استراتيجياً في تحقيق رؤية عُمان 2040، والتي تطمح فيها السياحة العمانية إلى تعزيز مساهمتها في الناتج المحلي بحلول عام 2040 بما نسبته 6% فأعلى، بالإضافة إلى استقطاب أكبر عدد من السياح من خلال استهداف أكثر من 11 مليون سائح حول العالم، مما يعني تنشيط دور المرشدين السياحيين وتمكينهم وتعزيز فرص صناعة الخيارات السياحية لديهم.
ومع الاعتراف بما شهده قطاع الإرشاد السياحي بالسلطنة من تحولات إيجابية، حيث إزداد عدد المرشدين السياحيين من (44) مرشداً سياحياً عمانياً في عام 2016، إلى (360) مرشداً سياحياً عمانياً في عام (2019)؛ خاصة مع دخول الفتاة العمانية لتشارك الرجل بكل اقتدار ومهنية في المهمة؛ إلا أن ذلك كله يضع الجهات المعنية اليوم أمام تبني سياسة وطنية واضحة في التعاطي مع ملف الإرشاد السياحي من حيث فرص التشغيل والتوظيف، والتمكين، والتنسيق، والحوافز والتدريب، ورفع سقف الثقة والتوقعات، ليفوق في ممارسة دوره القائم على المهنية والخبرة والتجربة والدراسة والأصالة الفكرية، ما يقوم به مشاهير السوشل ميديا من اجتهادات تسويقية للسياحة.
أخيراً تبقى التساؤلات المطروحة، هل يمثل غياب المرشد السياحي، هدوء العاصفة مع تزايد الاستفهامات المجتمعية حول تراجع مساهمة السياحة في الناتج المحلي؟، وهل لحالة عدم الاستقرار الوظيفي للمرشدين السياحيين الذين يعملون بعقود مؤقتة، علاقة بغيابه عن المشهد السياحي الوطني؟.