يكتبه: د. رجب بن علي العويسي |
ينطلق تناولنا للموضوع، من فرضية أن مشكلتنا الأساسية في السياحة تكمن في تعقد الاجراءات وتقاطع الجهود وتنازع الاختصاصات وتداخل آليات العمل، والتي بدورها أدت إلى اتساع لغة الفردانية وسلوك السلطوية والأنانية لدى المؤسسات في التعاطي مع المشروعات السياحية المنفذة في المحافظات، والتي يتطلب تحقيقها تنازلها وتبسيط الإجراءات والتخلي عن سلوك التعجيز والتضييق المختلفة وكثرة الاشتراطات التي تؤدي إلى التراجع في تنفيذ المشروع أو تأخيره أو إرجاع موارده إلى الموازنة العامة للدولة، ناهيك عما صاحب ذلك من ضعف في كفاءة التشريعات وتدني مستوى الصلاحيات الممنوحة.
غير أننا اليوم وفي إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتعديل الهيكلي لوزارة السياحة بالمرسوم رقم (91/2020)، ووجود نظام المحافظات والشؤون البلدية الصادر بالمرسوم السلطاني ( 101/ 2020)، نفترض تلاشي المشكلة، وأتاحت طبيعة الهيكلة الجديدة مساحة من المرونة المأمونة والشراكة الفعلية والقرار الوطني الناضج الذي يضمن دخول البيئات السياحية والتراثية في قائمة التطوير السياحي، وفق المادة (6) من نظام المحافظات والشؤون البلدية، المحددة لاختصاصات المحافظات ومنها، (4) العمل على الاستفادة من المقومات السياحية والتراثية المتاحة وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة، مما يعني أن احتواء المشكلة بات ممكنا، والتعذر بها ضرباً من التراخي وضعف الجدية في إعادة هندسة هذا القطاع.
ويبقى الرهان اليوم على اللائحة التنفيذية لنظام المحافظات والشؤون البلدية، ومستوى المرونة والمهنية والكفاءة التنسيقية والتواصلية التي تتيحها، والصلاحيات التي تمنحها، ومستوى الإلزامية في الأحكام بما يعزز من سرعة استجابة المؤسسات المعنية في التعامل المريح مع مبادرات التطوير السياحي، ويضع حداً لحالات الهدر والفاقد السياحي الناتج عن تأخر الإجراءات وتعقدها في سبيل استصدار تراخيص الأنشطة السياحية، وتعدد الخيارات، وتوليد بدائل سياحية أخرى أكثر ارتباطا باهتمامات المجتمع، أو تسجيل المواقع السياحية وتهيئتها كوجهات سياحية ذات معايير عالمية تتناسب مع رؤية التطوير السياحي، لإنتاج بيئات سياحية أكثر أمانا وتنافسية وجودة، ويتيح مساحة أكبر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنشيط حركة التطوير السياحي المرن بالمحافظات سواء من داخل المحافظة أو خارجها.