يكتبه: د. رجب بن علي العويسي |
في لقاءاتنا وحواراتنا اليومية، أحاديث كثيرة نبوح بها ونعيد ترتيلها عن السياحة الوطنية ومنجزنا السياحي، ورصيدنا السياحي، وثروتنا السياحية، نتعمق فيها كلما أتيحت لنا فرص الاطلاع على بعض النماذج السياحية خارج وطننا، كما تصبح هاجس النفس وشعور بعدم الرضا كلما اقتربنا من بعض مواقعنا السياحية، لتسبح بنا الأفكار في بحر من التساؤلات غير المنتهية التي تبحث عن إجابات مقنعة.
ذلك أن حجم التعلق بالسياحة الذي يسكن في داخلنا، وهاجس الشعور الذي يتملكنا لم يعد يقوى على الصمت في ذاتنا، ونحن نقرأ تراجعا غير مبرر في اسهام السياحة في العائد الإجمالي للدولة، لنعلنها صراحة بأهمية الخروج من عزلتنا السياحية، وأزمة الانغلاق الصامت التي ما زالت تعيشه سياحتنا الوطنية، ولا أدري هل لأنه المواطن لم يستطع أن يوصل صوته السياحي وشعوره وأولوياته السياحية لجهات الاختصاص، أم أغلقت الأخيرة الآذان عن سماع صوته، وأقفلت الأبواب عن قبول أي حوارات وخطط ونقاشات تريد للسياحة خيراً.
في عالمنا اليوم تُستخدم التقنية في بناء اقتصاد المعرفة، وتعزيز حضوره كحلقة أقوى في استنهاض الفرص السياحية واستدامتها وتعزيز اقتصاد السياحة، وقد قطع العالم في ذلك شوطاً كبيراً، تطورت خلاله الخدمات السياحية وتنوعت، وأضافت لها ابعاداً وميزات وفرص حققت لها الريادة والمنافسة، في حين ما زالت مؤسساتنا تنظر لهذه المنصات كمساحة شخصية للمواطن من طرف واحد في التعبير عن آماله وطموحاته وآلامه وقضاياه، لتعيش في أبراجها العاجية غير مدركة لما يحصل، بما انعكس سلباً على القيمة النوعية لما يطرح من أفكار بناءة، ومستوى القبول لها والاعتراف بها، والتأكيد عليها من قبل جهات الاختصاص.
أخيرا بات التعاطي مع منتوج الفكر السياحي، الذي يطرحه المواطن في المنصّات التفاعلية، والإعلام الرقمي وفنون الإعلام الأخرى ضرورة ملحة، فلن نحقق للسياحة الوطنية مكانتها، إلا إذا تحاورنا بمصداقية وتحدثنا بشفافية، وانطلقنا من موردنا السياحي الثري بمكوناته وخصائصه، لغتنا ومشتركنا للعمل معاً من أجل سياحة مستدامة، ولتفتح الجهات المعنية بالسياحة قنواتها وأذانها وأعينها لمبادرات المواطن وأفكاره وأطروحاته ونقاشاته، فعُمان بحاجة إلى أفكارنا لتنهض بسياحتها.