مقال| العقل الجمعي والسياحة

بقلم: حمدان بن علي البادي

الإقبال الكبير الذي تشهده مؤخراً بعض المناطق السياحية في السلطنة، يعد ظاهرة إيجابية فرضتها الظروف الراهنة للاتجاه نحو السياحة الداخلية، لكن من الذي حرك الجموع باتجاه أنشطة معينة دون سواها؟. هل ينصاع الأفراد للعقل الذاتي في اختيار أنشطتهم ووجهاتهم السياحية؟. أم يتأثرون بالعقل الجمعي وينصاعون للأفكار المسيطرة من حولهم وتكون خيارهم الأول لا لشيء سوى إنها الأكثر حضوراً في هذه الفترة.  

على سبيل المثال، أصبحت مدرّجات سعال ومسار سداب في محافظة مسقط مقصد الجميع، وهذا مؤشر طيب، وبالتالي هل ساهم الحجر المنزلي في إعادة اكتشافها؟. أم هو العقل الجمعي من قام بتوجيه الناس لزيارة هذين المسارين مع إنها كانت في السابق على مرمى بصر الجميع من دون أن تحرك فيهم ساكناً. اليوم تسهم المنصات الرقمية في صناعة الوعي الجمعي وتعزيز حضور العقل الجمعي الإيجابي والسلبي بين الناس والانقياد وراء ما يفعله الآخر، وفي أحيانٍ كثيرة تُبنى الصور النمطية حول الأماكن والمدن لا لشيء سواء انصياع الأفراد وراء ما تردده مجاميع الناس. 

إن ما يفعله الأفراد بشكل عام من توثيق للحظاتهم الجميلة في الأماكن السياحية ونشرها على المنصات الرقمية من شأنه أن يوجهه العقل الجمعي نحو اكتشاف الأنشطة السياحية في السلطنة وتغيب الصورة النمطية التي تقول إن عمان تفتقر لأبسط مقومات السياحية وما فيها شيء.  وعلى الرغم من ارتباط الوعي الجمعي بالسيطرة على الأفراد لاتخاذ سلوك القطيع، إلا أن ذلك ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، وفي حالات كثيرة يعد العقل الجمعي ظاهرة إيجابية ويسهم في توجيهنا نحو اكتشاف مناطق جميلة خارج إدراكنا الذاتي، وفي كل الأحوال على الأفراد التيقن فيما يفعلونه وهل يأتي في سياق شغفهم خاصة في السياحة، لأنها من الأشياء التي تدخل فيها مسألة الأذواق، وما يعجب مجموعة من الأفراد قد لا يعجب الآخرين، لهذا يقال السياحة لا يمكن تأطيرها بدليل سياحي. وفي الأخير نعود إلى تساؤلات البداية، إلى أي مدى تؤثر خيارات الآخرين في صنع خيارتنا الشخصية؟.

والاجابة بالطبع تكمن فيما نتخذه من قرارات، وهل هي في سياق الفكر الجمعي أم الفكر الذاتي؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*