بقلم: د. رجب بن علي العويسي | تسعى السلطنة في ظل رؤية التنويع الاقتصادي إلى جعل السياحة أحد الممكنات الداعمة للاقتصاد الوطني لترفع حجم مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي إلى 6% بحلول 2040، لذلك اتخذت بعض التوجهات في الاهتمام بهذا القطاع. وأضحى وجود السياحة محورا رئيسيا في الخطط التنموية في رؤية عمان 2040 أو في الخطط الخمسية للدولة أو كذلك في خطة التوازن المالي 2020- 2024 وعبر جملة من المبادرات والإجراءات المرتبطة بتطوير هذا القطاع وتحسين العائد الناتج منه، والكفاءة في أداء المؤسسات العاملة في السياحة، وتعزيز الجودة في الخدمات السياحية، بهدف جعل عُمان وجهة سياحية عالمية سواء من خلال تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع وتحسين بيئة الأعمال الداعمة له، أو من خلال تعزيز السياحة الوافدة إلى السلطنة، واعفاء مواطني 103 دول من شرط الحصول على تأشيرة الزيارة إلى السلطنة.وبالتالي فإن تحقيق سياحة وطنية منتجة قادرة على المنافسة، وصناعة التحول في المضمون السياحي لا يقتصر على وجود بيئات سياحية خام أو نمط اجتماعي وثقافي داعم، إن لم يجد من يقوى على إدارته ورعايته وصونه، ويضمن كفاءة العمل الوطني الموجه نحوه ومصداقيته والتكاملية فيه، وتوفير أدوات التشخيص والرصد والتقييم المتابعة والمراقبة للمنجز السياحي ومؤشراته، عبر التثمير الفعلي لهذه البيئات والموارد السياحية وإعادة انتاجها وضمان حركتها وحيويتها واستيعابها لمعطيات السياحة العالمية.وعليه فإن الوصول إلى استحقاقات الرقم الصعب للسياحة في معادلة التنويع الاقتصادي، بحاجة إلى فكر متجدد قادر على احتواء التغيير في فلسفة وفقه السياحة الوطنية، تقوم على رعايته إدارة سياحية كفؤة لديها روح المبادرة، مدركة لحساسية الوضع السياحي، وتمتلك حدس التوقعات بمستقبل السياحة، وتعمل بجدية على تفعيل خطوط التأثير واستيعابها، ونسج خيوط التناغم والترابط بين حلقاتها، وكفاءة البدائل وواقعية الحلول المطروحة، ثم التثمير في أبجديات التناغم بين المرجعية الحكومية المعنية بتنظيم هذا القطاع والشركاء الحكوميون المنفذون لمشروعات البنية الأساسية للسياحة (الشركات السياحية)، وحجم المنافسة المتوقعة بينها في ظل غياب دور القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن الواجهة، لتضع في أولوية عملها ضبط وتقنين ومعالجة الهدر الناتج عن فاقد المشروعات السياحية المتكررة، والتعقيدات الإدارية التي ضيّقت الخناق على جماليات السياحة الوطنية وافقدتها روح الإبداع والبساطة والتجديد والمرونة والواقعية.