مرافىء | “وكَانْ ” ليس كمثلها مكان

بقلم: أ. جوخة بنت علي الشماخية | “وكَانْ” الواو ليست واواً للعطف، (كَانْ) ليست فعلاً ماضياً كما هو معروف في عُرف اللغة العربية، (وكَانْ) التي أعنيها اسم لمكان في سلطنة عُمان، قرية جبلية في غاية السكون والاطمئنان، تابعة لولاية (نخل) إحدى ولايات محافظة جنوب الباطنة، وبأشجار المشمش والعنب والرّمان تزدان. تمتاز (وكَانْ) باعتدال درجة الحرارة صيفاً وانخفاضها شتاءً، أنسب وقت لزيارتها منتصف شهر مايو، وإلى نهاية شهر أغسطس، حيث أن هذه الفترة تعتبر موسم جني الثمار في القرية، خاصة ثمار المشمش، التي عادة ما يحين قطافها في شهر يونيو من كل عام. (وكَانْ) لها من حركات حروفها معنى، ألا يقولون أحيانا (لك من اسمك نصيب)؟ ويُقال أيضا (اسم على مسمّى)؟ (وكَانْ) بفتح الكاف وسكون النون، الفتح هو أن تفتح عينيك، وتنظر عاليا تجاه الأفق، نظرة ممتدة بلا حدود، وكأن هذه القرية وهي تغفو على صفيحة جبلية منحدرة من سفوح الجبل الأخضر، تفتح ذراعيها للسماء، مستقبلة زخات المطر، فتنساب صافية في قنواتها المائية، المتميزة بهندسة تصميم محكمة. أما السكون، ففي (وكَانْ) ستجد سكون النفس وهدوئها، وإن كنت من محبيّ الجلوس مع الذات، بإمكانك أن تختار زاوية خاصة بك، تمارس فيها رياضة التأمل، أو تتناول فنجانا من القهوة العمانية برفقة كتاب ممتع، أو تدوّن صفحة في مفكرتك. المسير إلى مثل هذا المكان، ربما يحتاج إلى سيارة دفع رباعي، لكن مهما طالت ساعات الوصول إليه، أجزم أنك لن تشعر بالملل والضجر، لأنك ببساطة متحمس لمعانقة كل شيء هناك، فالشغف واللهفة لن توجدان مكانا إلا لتصور جمال لحظة الوصول.   بعد أن تطأ قدميك أرض (وكَانْ)، ستستقبلك روائح زهور الخوخ، ستنطلق كمن كان مقيداً، ثم فجأة وجد حريته، فإن كنت من محبي ممارسة رياضة (الهايكنج)، ستجد تضاريس المكان مهيئة لذلك، ما عليك إلا أن تتوشّح حقيبتك، وتنطلق إلى الأعلى، ساعتها ستشعر بنسمات الهواء العليل تلامس وجهك، وكلما صعدت أكثر، فاح عبق الروائح أكثر، وذلك إعلان بقرب الوصول إلى منازل القرية، التي تمتزج فيه العراقة بالحداثة، ستشاهد مشهداً من الصعب التعبير عنه، ستعزف مخيلتك سمفونية تتناغم فيها الكثير من عناصر الجمال. من أجل أن يجد السائحون متعتهم، تم إنشاء طريق للمشاة في شكل سلالم، تتألف من 700 درجة صاعدة حتى القمة، الطريق محاط بسياج حماية، كما يحتوي على مناطق خدمات، بالإضافة إلى أبراج مشاهدة على شكل قلاع ومظلات، تصوّر المنظر من الأعلى، من الصعب التعبير عن ذلك، شعورك الصامت فقط، هو من يستطيع التعبير.  في (وكَانْ) تستطيع أن تقضي يوماً أو أكثر، ذلك يعتمد على وقتك وشغفك. حين ينتصف النهار، لا شكّ سيبدأ الشعور بالجوع، مما سيدفعك ومن برفقتك إلى إعداد طعام الغداء، وبعد تناول غدائك، واصل رحلة الاستمتاع بكل الجماليات، وفرصة كبيرة لعدسات التصوير في التقاط لقطات مدهشة حتى حلول وقت الغروب. في الحقيقة أنا لم أزر قرية (وكَانْ) حتى الآن، فقط سمعت من زائريها، وقرأت عنها، وشاهدت عروضاً مرئية وصوراً لها، فنسج خيالي هذه المفردات، بُغيةً مني في إيصال الصورة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*