بقلم: أشرف السعيد | على الرغم من أن عام 2020 يعتبر من أشد السنوات وأصعبها على البشرية في الأزمات العالمية بعد أن اطل فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” برأسه على العالم من مدينة ووهان الصينية منذ نهاية عام 2019 والذي تحول إلى جائحة فيما بعد. وكل أزمة أو محنة يمكن أن تتحول إلى منحة بالإرادة والتصميم والإصرار على النجاح من خلال توظيف الجوانب الإيجابية للمحنة، وعلى الرغم من أن لكل أزمة أو محنة تداعيات أو آثار سلبية ولكن هنا علينا أن ننظر نظرة متفائلة إلى الجانب الممتلئ من الكوب وليس الفارغ منه.أسفرت جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” عن إصابة أكثر من 5 ملايين فرد وفق إحصائيات إحدى الجامعات الأمريكية، فضلاً عن الآثار السلبية في دول العالم التي إنعكست على الإقتصاد بكل روافده والسياحة وحركة الطيران وعلى عدد النزلاء بالفنادق وأيضا على الخدمات مثل التعليم والصحة والصناعة والاستثمار وغيرها. ووفق توقعات صندوق النقد الدولي فإن الخسائر الناجمة عن فيروس كورونا على مستوى العالم قد تصل إلى عدة تريليونات دولار في القطاعات المختلفة. وهناك دروس مستفادة من الموجة الأولى لجائحة كورونا، فعلى الصعيد الإنساني وخاصة مجتمعاتنا الخليجية والعربية فقد إستطاعت هذه الجائحة أن تكون لها ثمرة إيجابية وهي تجمع بين أفراد الأسرة حيث زادت اللحمة والتقارب بين رب الاسرة وأهل بيته والدفء العائلي في ضوء الحرص والالتزام بالتواجد في المنازل وتطبيق تعليمات الجهات المعنية والخروج فقط في أضيق نطاق.ومن إيجابيات محنة جائحة كورونا أيضا أنها إستطاعت أن تصنع ثقافة جديدة لدى الإنسان العربي من حيث التعامل مع مفردات ومعطيات الجائحة والتي تطلبت إجراءات وتدابير إحترازية على الصعيد الصحي حيث زاد الوعي الصحي فضلاً عن قيام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بدور فاعل في نشر ثقافة صحية. أما في قيم الإستهلاك على صعيد الأسر والأفراد فقد عرفت مصطلحات جديدة على مجتمعاتنا وثقافتها ومنها الترشيد في أستخدام المواد الغذائية والحرص على عدم الإسراف والتبذير وإهدار الطعام وخاصة مع إرتفاع أسعار بعض السلع الغذائية في بعض الدول الخليجية والعربية، كما نشطت الصناعات الغذائية المنزلية والأسر المنتجة وهذا رافد إقتصادي جديد لريادات الأعمال والتنمية المستدامة والتي تشجع عليه الحكومات في دولنا العربية وهذا مكسب جديد للأسر المنتجة وللأفراد مقابل البطالة التي ظهرت في بعض القطاعات نتيجة جائحة كورونا. اما قطاع التعليم، فقد كان له نصيب الأسد في الإستفادة الكبيرة من هذه الجائحة فقد إضطرت عدد كبير من وزارات التربية والتعليم بدولنا العربية إلى تفعيل منظومة التعليم عن بُعد، وإن كانت دول خليجية وعربية قد بدأت قبل جائحة كورونا بثلاث سنوات في تطبيق هذه المنظومة ضمن خططها التعليمية وإستراتيجيتها المستقبلية، وتعتبر خطوة التعليم عن بُعد في كافة المراحل نقلة نوعية أفادت منظومة التعليم وتواكب المتغيرات العالمية في التعليم، وقد ترتب على جائحة كورونا تفعيل حكومات الدول الخليجية والعربية لهذه المنظومة.أما على صعيد قطاع السياحة فعلى الرغم من الآثار السلبية والتداعيات للجائحة عليه فقد نشطت السياحة الداخلية وبرامجها في الفنادق والمزارات السياحية والأثرية كرافد جديد وبديل عن السياحة الأجنبية، واستطاعت وسائل الإعلام الترويج للآثار والمزارات التاريخية. أما بالنسبة للحكومات والدول فقد خرجت بنتيجة هامة في الموجة الأولى من أزمة كورونا وهي أنه من الأهمية القصوى تحقيق الاكتفاء الذاتي في توفير الغذاء والعمل على وضع الخطط اللازمة على ذلك، وفي زراعة المنتجات الغذائية لمواجهة أي نقص أو إحتياج في الغذاء وهو أهم ما يمس الأمور الحياتية للفرد في مجتمعاتنا هو تحقيق الأمن الغذائي إلى جانب المحاور الأخرى للأمن. وأخيرا، هناك لكل منا أمنيات تحققت في عام 2020 وأمنيات اخرى لم تتحقق سواء شخصية أو عامة، أدعو الله لكل من لم تتحقق أمنياته في عامنا هذا أن يحققها في العام الجديد 2021. وكل عام وقراء “وجهات” بكل بخير وعام سعيد إن شاء الله.
asherif119@gmail.com
صحافي مصري