د. رجب بن علي العويسي | يعيش قطاع السفر والسياحة العالمي انتكاسة مريبة وتدهورا خطيرا وخسائر متلاحقة في ظل جائحة كورونا (كوفيد19) ، نظرا للإجراءات التي اتخذتها بلدان العالم مجتمعة في الحد من انتشار المرض، واغلاق المطارات والموانئ والحدود أمام الرحلات السياحية أو السفر، والغاء الكثير من الحجوزات وتوقف الرحلات وتعطل الأنشطة السياحية حول العالم، خاصة في ظل ما تشكله السياحة من مساهمة واسعة في ميزانية بعض دول العالم ، ونسبة تزيد عن 10% من المشتغلين في القطاع السياحي العالمي.
ومع أن التكهن بحجم هذه الخسائر سابق لأوانه في ظل استمرار ضغط حكومات العالم الموجه للحد من انتشار كورونا؛ إلا أن هناك استشعارا بأن جائحة كورونا ستعيد انتاج الواقع السياحي الدولي والوطني، وستؤدي هذه الجائحة إلى التفكير خارج الصندوق في تأهيل جذري لهذا القطاع في التعامل مع الأزمات والكوارث والأوبئة، سواء في هيكلته العالمية وعبر منظمة السياحة العالمية أو في هيكلة القطاع السياحي الداخلي، والاستفادة من كل الفرص الداعمة لبقاء السياحة في وضع الجاهزية واستمرارية التأثير، ونقل السياحة عبر العالم الافتراضي وتقنيات المعلومات والتطبيقات السياحية الرقمية بآلية أفضل وأدوات أكثر ابتكاريه ترتبط بتوظيف الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في تعزيز الثقة في النشاط السياحي وتجسيده في حياة الأفراد.
ومعنى ذلك أن الاتجاه إلى إضافة بعد السياحة عبر الانترنت والسياحة الالكترونية وتعزيز منصات حضورها وتوجيه شركات السفر والسياحة نحو تبني مبادرات سياحية قادرة على تأطير هذا المسار ومشاهدة المواقع السياحية والتجول فيها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية ومعايشتها عبر تقنيات ذكية متقدمة، وإيجاد تطبيقات لبيئات سياحية تحاكي الواقع ومتجاوبة مع رغبة الافراد في زيارة تلك المناطق السياحية وكأنها واقعا عمليا، والتأثيرات التي تحدثها في العقل اللاواعي لديهم والصورة الذهنية التي تبعثها فيهم، سوف يكون محور التحول القادم في صناعة سياحة المستقبل .
من هنا كانت قناعتنا بان السياحة ستنتصر بمجرد زوال الوباء، وستعود بثوب جديدة وأدوات ومنصات متجددة ترتبط بالسياحة في وقت الازمات، وتحقيق تحول في المنظور السياحي المتناغم مع الظروف القاسية؛ فإن من شأن هذه العودة القادمة أن توجه الاهتمام بتوفير أعمال ووظائف لشركات الإنتاج السياحي والترويج والتسويق وتنشيط حركة الاعلام السياحي عبر العوالم الافتراضية ومنصات التواصل الاجتماعي والسياحة عن بُعد.