بقلم: حمدان بن علي البادي | أتاح لنا الحجر المنزل سفر داخلي باتجاه حياتنا الشخصية لنستكشف ما تركناه وحفظناه من الزمن الغابر وقبل ذلك نكتشف حياتنا الشخصية وما أهملناه من إمكانيات ومواهب وعادات ضاعت في زحمة دروب الحياة. أعادنا كورونا إلى منازلنا الأولى لنختبىء في حضن العائلة في عزلة عن المجتمع تطبيقا لنظام التباعد الاجتماعي في محاولة لنقي من نحب شر الوباء في تجربة لم نختارها ونريدها أن تنتهي عاجلاً وليس آجلاً وأن تعود الحياة إلى سابق عهدها ونحن في صحة وعافية إن شاء الله لا فاقدين ولا مفقودين.
هذه المرة لسنا أمام فيلم سينمائي من وحي الخيال حول انتشار الفيروسات التي قضت على البشرية كما في فيلم الأسطورة لـ “ويل سميث” ولا تلك الأفلام التي على شاكلته، هذه المرة نحن ضمن المشهد وجزء من الحدث تحت عنوان كورونا “كوفيد-19 ” وباء ينتشر في العالم لأن أحدهم قرر أن يشرب شربة الخفافيش كما تقول بعض الروايات، ونحن أمام خيار واحد لا ثاني له وهو أن نبقى في بيوتنا وأن نبتعد عن ذوينا لمدة أسبوعين على الأقل.
من الوهلة الأولى يبدو أن الحل سهل بالرغم من تداعياته الكبيرة علينا ومع ذلك هناك من يستصعب البقاء في بيته لأيام حتى ينجلي الوباء وتجده يختلس الوقت ويختلق الأعذار ليختلط بمن يشاء ناسفا خلف ظهره جهود الجهات المعنية ودعواتهم المتكررة للبقاء في البيت.
لا أعتقد أن البقاء في البيت صعب في زمن رقمنة الأشياء وكأن كورونا جاء ليؤكد لنا أن العالم مترابط عبر التقنيات المختلفة، كمن دفع بنا خطوات نحو المستقبل لنكتشف أن كل شيء ممكن في زمن كورونا وأن التحول الرقمي غاية ووسيلة لم نستشعر أهميتها في السابق بقدر ما نستشعر حضورها في تفاصيل حياتنا اليومية للتعليم والعمل والترفيه والتسوّق وغيرها وقبل ذلك لنراقب إحصائيات هذا الوباء الذي يفتك بشعوب العالم.
علينا أن نتماسك وأن نكون أكثر حرصا على تطبيق التعليمات الواردة من جهات الاختصاص وأن نحافظ على هدؤنا وألا نجزع، هي أزمة وستمر بسلام إن شاء الله وستعود الحياة إلى سابق عهدها، وإلى ذلك الحين البقاء في البيت فرصة للتأمل والتدبر في الذات وما حولها والتواصل مع الأح عبر التقنية. نسأل الله أن يرفع هذا الوباء وأن يقينا شره.