مرايا | متلازمة تويتر  

 

بقلم د. عهود بنت سعيد بن راشد البلوشية | أكملت عاما على دخولي عالم “تويتر”، وعلى الرغم من أنني كنت مواكبة- إلى حد ما- تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة ابتداء من “هوت ميل” مرورا بـ “فيس بوك” و”بلاك بيري” و”واتساب” و”انستغرام” وأخيرا “تويتر”، وجدتني لعدة أسباب قد ارتحت لاستخدام التقنية الاخيرة خاصة لبساطتها واختصارها في أحرف قليلة وسهولة التواصل من خلالها.  ففي حين اقتصر حسابي في “انستغرام” كمثال على مجموعة من الأهل والصديقات نتواصل فيما بيننا من خلال الصور التي نضعها، أخذني حسابي في “تويتر” إلى مجال أرحب من التواصل والمعرفة.

فتح “تويتر” عالما كبيرا لي يتعدى الحدود الجغرافية- وفي أحيان  أخرى الزمانية أيضا- بكثير.. عالمٌ بدا مخيفا وغريبا في البداية، ولكن سرعان ما شعرت بتآلفٍ مع الشخصيات المختلفة التي يزخر بها، سواء تلك التي تستخدم هويتها الحقيقية أم تلك التي تختفي خلف أسماء ومعرفات قد تُمثّل هويّاتها الحقيقية وهي تعيش الحرية التي تنشدها في العالم الافتراضي.

وككل علاقة تبدأ عادة بحماس الفضول والاستكشاف يذكّيها الشّك والارتياب في كل ماهو جديد تقنياً- خاصة من أبناء جيلي الذي لم يتربى على تقصي  أحدث التقنيات والبرامج ومتابعتها – وعلى الرغم من الاستفادة الحقيقية والمعارف المختلفة والصداقات المتعددة  التي جنيتها من هذا البرنامج، أجدني اليوم أُتابع ما يُكتب على “تويتر” بقلبٍ مثقل بالهموم ومشاعر تستثيرُ الاحباط والقنوط. هل يمكن أن نطلق على هذه الحالة “متلازمة تويتر”؟.  في الحقيقة لا أدري إن كنت أنا فقط أم أن هنالك من يشاطرني هذا الشعور المُتعِب بأن الأمور لا تسيرُ في الاتجاه الصحيح. بأن قضايانا وهمومنا الوطنية تكبُر وتتشعب فيما يناقشها البعض بشكل موضوعي أو غير موضوعي ويتناقلها الكثير لإسباب مختلفة -غالبا- من دون التأكد من مصداقية الأخبار والأشخاص. وبين من يؤمن بأن مناقشة ونقد  الأمور التي تهمنا كمواطنين واجب وطني وبين من يرى في هذا النقاش العلني “نشر ٌ للغسيل” ينتقص من هيبة الوطن ودليل على نقص في المحبة والوطنية،، أطالع صفحتي على “تويتر” متسائلة عن مدى فائدة أو ضرر ما أقول أو أُرتوت؟!

قد يكون من البديهي أن لكل من يشارك في برامج التواصل الاجتماعي هدف أو أهداف، قد تكون المعرفة أو الشهرة أو المتعة. وقد تكون أهداف البعض بعيدة المدى وسياسية الجوهر وتدميرية الطبيعة.. هل هذا الشعور بالإحباط والتوتر المستمروالتشاؤم الممزوج بالحسرة هو الهدف في حد ذاته؟. هل هنالك من يتربص بنا وبشبابنا بهدف خلق إحباط عام يساهم في شلّ القدرات البشرية في بوتقة العجز أو قد يحفز الشعور الجماعي بضرورة الثورة على مسببات هذا الإحباط؟. كل شيء جائز وممكن بل قد يكون شيئا حتمياً في ظل الظروف السياسية التي تعيشها منطقتنا العربية. هل وقعنا من دون أن نشعر وبنيّة سليمة في فخ الانتقاد المختلف في طبيعته وأهدافه عن النقد البنّاء؟. وبعيداً عن نظرية المؤامرة، هل أصبحنا نساهم- من دون أن ندري- في نجاح بعض الأجندات المشبوهة؟.  لن أضع اللوم بشكل كليّ علينا كمستخدمين لبرامج التواصل الاجتماعي. علينا واجبات تقصي الحقائق والمناقشة الموضوعية والنقد البنّاء ولكن في المقابل على المسؤولين التفاعل الحقيقي مع ما يطرح من قضايا للنقاش أو النقد وبشكل جاد وبشفافية بعيدا عن تلميع الصورة ومحاولة إيجاد شمّاعة. كما أن حسابات الجهات الحكومية يجب أن تكون ضمن عمل ما قد يُسمى “دوائر التفاعل” وأن تكون متابعة بشكل مباشر من قمة الهرم في كل مؤسسة حتى لا نظل نناقش ونناقش ونناقش حتى نصاب بـ”متلازمة تويتر”!.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*