مقال
بقلم: خصيب عبدالله القريني | تمثل خصخصة القطاعات العامة احد الاستراتيجيات الاقتصادية الرائدة على المستوى العالمي، والتي أتت ثمارها في بعض الدول دون غيرها وفي بعض القطاعات دون الاخرى. ولعل مرد النجاح هنا واخفاقه هناك يرجع في الأساس لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من الظروف التي تتفاعل فيما بينها لخدمة هذا القطاع او تلك الدولة،
ولاشك ان للقطاع السياحي في الكثير من دول العالم قصب السبق في مايتعلق بموضوع الخصخصة، حيث نجح القطاع الخاص في هذا المجال نجاحا منقطع النظير، واصبح هو النموذج المتميز الذي يمكن ان نقارن فيه بين العوامل التي تشجع على الخصخصة في قطاعات دون غيرها، بمعنى آخر اصبح هو النموذج الجيد الذي من خلاله يمكن ان نستفيد في خصخصة قطاعات أخرى، ولعل السبب يكمن في قدرة القطاع الخاص هنا على الوفاء باحتياجات السياح بشكل عام مع مايقابل ذلك من مردود مالي متميز يساعد على الاستمرارية والبقاء ، خاصة مع ازدياد الاهتمام بالسياحة عالميا مع التطور الإعلامي السريع الذي رافق ومازال يرافق الثورة الرابعة .
وعندما نريد ان نطبق هذا التوجه على الوضع في السلطنة، نجد ان ان هذا الموضوع رغم تأخره الا انه بدأ يؤتي ثماره، فقد استمتعت قبل فترة وجيزة لتقرير إذاعي يتحدث عن الأعداد المتزايدة التي تزور قلعة نزوى التاريخية التي تمت خصخصتها للقطاع الخاص العماني، حيث يذكر التقرير أن أعداد الزوار تتجاوز يوميا 500 زائر، وهذا بحد ذاته رقم جيد يضاف بلاشك الى رصيد السياحة والى الرؤية المستقبلية التي تتبناها السلطنة لتطوير هذا القطاع الواعد الذي يعول عليه في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي .
ان تحقيق هذه النجاحات في هذا المجال يجب ان لايجعلنا نترك الحبل على الغارب في مسألة مايقدم للسياح من معلومات وحقائق عن هذه المواقع الاثرية، وتطوير الإمكانيات البشرية التي تتعامل مع هذه الفئات السياحية لانها في النهاية تمثل السلطنة وأي معلومة تقدم هي في الواقع وثيقة يحتفظ بها الزائر وكأنها وثيقة رسمية معتمدة ،- وهنا اركز على هذه النقطة من باب الحذر والوقاية وليس من باب انها حصلت ووقعت – مع مراعاة وجود أجهزة تكنولوجية تقدم المعلومات والحقائق في مختلف المواقع والأماكن السياحية والاثرية، كما هو موجود في بعض هذه القلاع والحصون، فربما تكون الاستفادة من المعطيات التكنولوجية سبيلا آخر لمزيد من الدقة التاريخية والمعلوماتية التي نضمن وصولها للسائح بصورة اكثر مصداقية.
ان نجاح او فشل الخصخصة هو في الواقع مثلما ذكرت في سابقا يعتمد في الأساس على عوامل مختلفة متى ما استطعنا ان نكيفها لخدمة هذه الاستراتيجية الاقتصادية فسيكون المردود بلاشك رائعا جدا، وبالتالي يحسب للمؤسسة السياحية الرسمية في السلطنة قدرتها على تفعيل هذا القطاع، متمنيا ان يكون هنالك مواقع اثرية وتاريخية ضمن استراتيجية الوزارة لاشراك القطاع الخاص في إدارة هذه المواقع السياحية، مع التركيز على عوامل الجذب المقدمة خاصة في مسألة ترميم وصيانة هذه المواقع ووجود خدمات دعم لوجستية تساهم في إعطاء الزائر انطباعا رائعا يجعله يعاود الزيارة مرات ومرات، فالمسألة ليست مجرد زيارة عابرة بل هي تترك انطباعا إيجابيا لدى السائح مما يجعله سفيرا للترويج السياحي للسلطنة، فكل سائح يزور البلد هو في الواقع مشروع تجاري يجب ان يستفاد منه للترويج السياحي في بلده، ولا يمكن تحقيق ذلك الا بوجود عوامل جذب وتشجيع تسهم في هذا الامر.