بقلم: خصيب بن عبدالله القريني | السفر والترحال متعة من المتع التي تسمو بمعارف الإنسان ومهاراته وأخلاقه وتفتح له أبوابا موصدة لا يمكن ان يراها وهو قابع في مكانه، لانه سيرى عالم جديد وأماكن متنوعة وأجناس مختلفة، ويرى كيف يحدث التفاعل وكيف تكون الحياة، فيبدأ المقارنة بين مايملكه وبين مايملكه الاخرون، وفي النهاية هو المستفيد فلو كان مايملكه من إمكانيات وسبل راحة أفضل من غيره فسيكون تأثير ذلك إيجابيا على حياته وسيحمد الله على ان خصه بنعم لاتوجد عند غيره. واذا حدث العكس فيمكن ان يستفيد من تلك التجارب ويطبقها في موطنه، وهذا هو جوهر السفر والترحال مع باقي الفوائد الأخرى المعروفة.
والسفر بمفهومه العام ليس شرطا ان يكون خارج نطاق الدولة بل يمكن ان يكون في حدود الوطن الذي يعيشه، فقد يكون الانسان أحيانا أحوج لمعرفة وطنه قبل معرفة بقية الأوطان، او مايسمى بالسياحة الداخلية، ذلك ان قدرتك على معرفة ما يزخر به وطنك من إمكانيات هو السبيل الذي من خلاله تستطيع اكتشاف بقية الأوطان، وهنا عندما نتكلم عن قدرتك على المقارنة فهي ستكون اعم واشمل واكثر مصداقية.
كما ان الرفقة الطيبة والرائعة التي تساعدك على تحقيق أهداف الترحال والسفر هي احدى المقومات الرئيسية التي يجب اختيارها بعناية ودقة، لانها هي رمانة الرحلة والاساس الذي قد ينجحها او يفشلها، فمتى ماكانت الطباع متوافقة، والاهداف متسقة ومتشاركة، كانت عوامل النجاح اكبر. ولاشك ان اختيار مهمة السفر للكشف عن طباع البشر لم تأتِ عبثا، فالسفر سمي سفرا لانه يسفر عن معاني وأخلاق الأشخاص الذين يرافقونك .
أسوق كل ذلك وقد يتهمني الكثير ممن يقرأ المقال بأنني لم آتِ بجديد، وأقول انني لم اسعِ لان أجلب الجديد بقدر ماسعيت ان أسجل كلمة شكر وعرفان لمن كانوا خير مساعد لي على الاستفادة من تجربة السفر والترحال المتواضعة، التي اجد أنها تحقق أهدافا كبيرة لايفقه كننها سوى من جربها، تجربة أقل ما توصف بأنها تغير مفاهيم وتغير أفكار بل وتغير حياة في بعض الأحيان فالنظرة القاصرة التي تحصر أهمية السفر في الترويح عن النفس هي جزء يسير وطبيعي من قصة السفر لدينا.
شكرا لذلك الشخص الذي لم اجد إنسانا إيجابيا طوال حياتي يشبهه، شكرا لمن يقهر المواقف السلبية بابتسامته المعهودة ، ولا يرى في الحياة الا الخير فقط، وبالتالي لن تجده الا متعاونا دائما وابدا.
شكرا لرجل المواقف الذي يحاول ان لا يحدث ما يفرق المجموعة مهما كانت الظروف والاحوال ، شكرا لمن يحب الطبيعة بكل تجلياتها، ويصنع الفارق في كل موقف. شكرا لمن يعمل على الترويج للرحلة وإظهار النقاط الإيجابية بها، ويغض الطرف عن أي سلبية، شكرا لمن يحاول ان يجعل كل شيء سهلا مهما بدت صعوبته. شكرا لكل هولاء الذين حولوا السفر من مجرد ترفيه لدروس وعبر وخبرات وصداقات لاتنسى. شكرا لهم لان المتعة الحقيقية لاتكمن في المكان بقدر ما تكمن في الأشخاص .
وللحديث بقية…