بقلم:نجلاء الرحبية | هناك صور تُخلْق في الذاكرة لا يمكن أن تنسى، ترتسم تفاصيلها بدقة وتُنحت لتبقى جميلة كما هي، ما زلت أتذكر زيارتي لتلك النيابة الجميلة في ولاية نزوى بمحافظة الداخلية.
شعور جميل تعايش في مخيلتي ولا يزال يسكنها، كانت زيارتي وأعتقد أيضا للغير هي حياة من نوع آخر، تتميز ولاية نزوى بأنها قد رُسم بها العديد من اللوحات الفنية التراثية التي جمعت بين أغلب مقومات الجمال التي تميزها عن غيرها؛ ولكنني قد رأيت في نيابة بركة الموز فناً من نوع آخر.
سُميت بركة الموز بهذا الإسم لكثرة هطول الأمطار وخصوبة تربتها وارتفاع منسوب المياه وقيل بأن أول شجرة غُرست في هذه النيابة هي شجرة الموز. ووفرة المياه كان لها دور كبير في إعطاء رونق مميز للمزارع والأفلاج التي صممت تصميما هندسيا صامدا إلى يومنا هذا متشبعة بالمياه النقية والصافية.
هناك ما شد انتباهي خلال زيارتي لتلك المزارع وهو امتزاجها بالمعالم التراثية، فتجد بها بيوتا من طين قد أندثر جزء منها، ورغم ذلك منظرها لا يزال يشد الانتباه ويُسعد بها الزائر وتُدهش عينه مما يراه. تتجول وانت تستنشق عطراً مُزج من نفحات الماضي والحاضر.
وخلف تلك المزارع هناك بيوت حية من طين قد شكلت هرماً متدرجاً على تل. هذه البيوت قد حملت قصصاً وحكايا لا تزال متداولة بين الأجيال وتجد بداخلها حساً فنياً مختلفا. لمسات مميزة ونقوش قد رُسمت بدقة على جدرانها. ومن المؤسف أننا نجد أن أغلب هذه البيوت قد فقدت العديد من أبوابها وشبابيكها. ولكنها رغم ذلك لا تزال تحتفظ بالمقومات الجمالية الأخرى التي تملكها. بيوت قد هُجرت ولكن من يزورها يشعر بوجود حياة بداخلها ولربما قد يشعر بوجود تلك الأرواح التي قد أبدعت في خلق ذلك المكان.
فقط القليل من اللمسات غير المبالغ بها قد يجعلها مكانا قد يترك للزائر بصمة أكثر وضوحاً وقد يعطي لها قيمةً أكبر.
وهناك العديد والعديد من المعالم الجميلة والتاريخية في هذه النيابة التي يمكن للزائر الاستمتاع عند زيارتها ومنها، فلج الخطمين والذي يعتبر من أشهر الأفلاج ، وعدد من الأبراج، وبيت الرديدة والذي يعتبر من المواقع السياحية المميزة، وغيرها من المعالم التراثية التي تحملها نيابة بركة الموز وتتميز بطابعها الخاص.
إن الحارات والنيابات الأثرية يجب ان نحافظ عليها ونعيد روحها ونبض الإنسان الذي عاش فيها، وعودتها سوف ينعش السياحة خاصة وان كثير من السياح يتلهفون للغوص في هذه الأماكن الجميلة التي تنبض بالحياة القديمة.
علينا أن نضع بصمات فيها، مما يولد فرصا للجذب السياحي من جانب وتشغيل أبناء تلك الحارات والنيابات لانشاء مؤسسات صغيرة مثل الاكلات العمانية وبيع المشغولات الحرفية التي تشكل هدايا للزوار يحرصون على اقتنائها عند زيارتهم للوجهات السياحية.