أجنحة | أنانية المسافرين  

 

بقلم: حمدان بن علي البادي |أغلب العائدين من رحلاتهم الصيفية وحتى أولئك الذين قاموا بتأجيل سفرهم إلى ما بعد الصيف يمارسون نوعاً من الأنانية في رغبتهم بالإستحواذ على الأماكن السياحية  في بلدان العالم غير العربية لتكون خالية من أي عربي سواهم، وحين تسألهم عن الرحلة وكيف كانت يبادرون بالقول “جميلة لكن البلاد متروسة عرب” أو “الحمد لله العرب بعدهم ما يعرفوها هذه البلاد “، وايضاً بهذه العبارات أو عبارات شبيهة يعلل البعض أسباب تأجيل سفرهم إلى ما بعد الصيف قائلين “ننتظر الزحمة تخف والعرب يرجعوا لبلدانهم” .

هذه النظرة التي لا تخلو من الأنانية والصادرة من أشخاص ينتمون لنفس البيئة لها أسبابها بالطبع والمسافرين العرب بجميع أطيافهم وخاصة الخليجيين تعم عليهم هذه النظره وهذا من شأنه أن يثير بعض التساؤلات الجديرة بالتأمل حول الأسباب التي تجعل من البعض ينظر لوجود العرب ومصادفتهم  بكثرة في السفر كأحد تحديات الرحلة، لكن السؤال الأهم لماذا نستثني أنفسنا من هذه الدائرة كرقم يضاف لعدد العرب الذين نتشارك وإياهم نفس المساحة الجغرافية أثناء السفر ؟  

أما لماذا ينظر بعض العرب المسافرين  تجاه البعض الآخر بصورة سلبية  فإن لذلك أسبابا كثيرة ومنها أن بعض السياح يتجردون من مبادئهم وأخلاقياتهم، وقد يكون الأمر أيضا مرتبط بطبيعة تكويننا البيئي وخاصة في بلدان دول الخليج وبعضها مرتبط بالثقافة العامة من خلال الاهتمام والود الذي نظهره تجاه بني جلدتنا لذا ننشغل ببعضنا البعض لدرجة تزعجنا وندقق في ملامح الآخرين وجنسهم ولونهم وشكلهم من دون الانشغال بأنفسنا والاندماج مع المكان وما يحيط بنا من جمال .

ومن جهه أخرى الإنسان بطبعه وفي سفره يسعى خلف مجموعة من الأهداف منها إكتشاف بيئة سياحية جديدة يقضي فيها ايّاما معدودات خالية من مفردات البيئه التي جاء منها ولعل الإنسان من أهم تلك المفردات والذي بطبعه يثير الكثير من السلوكيات اليومية التي ألفناها الإيجابية منها والسلبية إلى جانب أن البعص يتطفل على حياة الآخرين  ويقحم نفسه فيما لا يعنيه، والبعض يكيَّف حياته المعتادة في بلاده ليطبقها خارج بلاده بصورة مزعجة من دون مراعاة للقوانين والأنظمة التي تسيّر الحياة في تلك البلدان.

ومما عزز الحضور العربي اللافت في عدد من بلدان العالم التجمعات التجارية والتي أوجدت مناطق عربية تسمى بشارع العرب ساهمت في إستقطاب العرب وتمركزهم حول تلك التجمعات وساهم في تعزيز شعور الإنتماء بالمكان كمناطق خاصة بالعرب.

وفي الأخير  عزيزي السائح اذا كنت من المسافرين الذين ينزعجون من مصادفة العرب في السفر تذكر بأن أغلب الوجهات السياحية في العالم لا تخلو من العرب طوال العام وخاصة أوقات الذروة وبالتالي لا يمكن إلغاء حضورهم السياحي البارز في العالم، وبما إننا كمسافرين نشكل جزءا من هذا النسيج فمن الممكن الاشتغال على سلوكياتنا التي نرى أنها مزعجة ونصحح مسارها وأن نحترم الآخرين وحقهم في الاستمتاع بالمكان وأن ما يجوز في بلادنا قد لا يجوز في بلاد الآخرين، وهناك في مناطق الجذب السياحي مساحة تتسع الجميع يجب أن نكون فيها سفراء لأنفسنا قبل بلدنا وعروبتنا وديننا، خاصة أن بعض بلدان العالم بدأت بالتضييق على السياح العرب ولعل أحداث جورجيا الأخيرة أحد الأمثلة على ذلك

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*