بقلم: د. رجب بن علي العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
تأتي أهمية التظاهرات الثقافية باعتبارها قيمة مضافة في تنشيط الحركة السياحية وإضافة مساحات أكبر للابتكارية والتنويع فيها، وتعميق دور الثقافة في بناء أرصدة الوعي الاجتماعي، وبالتالي فهي منصات تفاعلية تواصلية تمتزج فيها الأفكار بالمناشط والخبرات بالتجارب والأصالة بالمعاصرة والموروث الحضاري الوطني بجوانب التجديد والتحول في المفاهيم والمصطلحات التراثية والثقافية فيصقلها ويهذب مداخلها، بالشكل الذي يتعزز خلاله انتماء الأجيال لموروثهم الحضاري فيتبنونه عن رغبة وشعور بقيمته وأهمية ممارسته كجزء من حياتهم اليومية ومنظومة العلاقات الاجتماعية مع بعضهم باعتباره المشترك الذي يمكنهم خلاله صناعة التغيير وإعادة انتاج الثقافة الوطنية القادمة في التعاطي مع الثقافات الأخرى والمفردات والخصوصيات والهويات التي ترتسم شكل كل ثقافة، فتلتقي جميعها تحت سقف التواصل والتناغم والوئام الإنساني.
إن ما تحمله هذه التظاهرات من تنوع في الأدوات والآليات والأساليب والمفردات والثقافات وغيرها بالإضافة إلى ما يمكن أن تقدمه من تعريف بالمنجز السياحي الوطني المادي وغير المادي والبيئات الاحيائية والحيوية وما تحقق من تنوع وتنويع فيها عبر عرض هذه الموروثات الحضارية والتعريف بها وتقريبها من تفكير الأجيال واهتماماتهم سوف يضمن حصول تناغم بين هذا الموروث وبين اهتمامات الشباب ورغباته وجوانب التفكير والتأمل لديه، لذلك شكلت هذه التظاهرات على مدى الوقت حوارات وطنية تراثية بنكهة الماضي وعبير الحاضر، تستمد جذورها من طبيعة التحولات التي عايشتها البيئة العمانية والبطولات والمبادرات التي صنعها أبناء عمان الأماجد.
وعليه نعتقد بأن ما يقدمه مهرجان مسقط ومهرجان خريف صلالة والمهرجانات الثقافية والفنية والغنائية والتراثية والموسيقية والمسابقات الوطنية للهجن والخيول ومهرجانات الأعياد الوطنية في المحافظات والولايات التي تقام بين فترة وأخرى بمبادرات أهلية تعتبر مدخلات لنمو السياحة الثقافية وتعزيز حضورها في الواقع الاجتماعي وتعزيز التنافس الإيجابي نحوها وتأصيل فلسفتها باعتبارها مناخات ترويحية وتثقيفية وابداعية وفكرية وانتاجية لها دورها في عمليات الحراك الثقافي الداخلي.
من هنا فإن حضور المتاحف الوطنية العامة والخاصة ومتاحف المؤسسات ومركز عمان للمؤتمرات والمعارض والمكتبات الثقافية والعلمية والمراكز الثقافية العامة والخاصة والأهلية وفرق الفنون الشعبية وفنون الرياضات التقليدية العمانية والموروث العماني في مجالات الأدب والفن والموسيقى والصحافة وغيرها باعتبارها موجهات تستقي من معين الحضارة الناصعة بياضا، مسارا في تقديمها لمعطيات المفهوم السياحي للثقافة.
وبالتالي أهمية التأكيد على دور التوعية والتثقيف الإعلامي المؤسسي والأهلي في تغيير قناعات فئات المجتمع وأفكارهم حول التظاهرات السياحية الثقافية وإذكاء روح التطوير والحياة فيها بمعنى أن تتحول هذه التظاهرات الثقافية إلى نماذج سياحية ثقافية ترويحية متجددة في ألوانها الثقافية المتعددة فيقبل عليها الشباب والمجتمع بكل حب ورغبة ، وهو ما يضعها أمام تقييم مستمر لأطرها وصناعة الجودة في محتواها وبحث مستمر عن الاستدامة والتنويع فيما تقدمه من أنشطة وبرامج ومساحات للترويح وميزات للإبهار، مستفيدة من المواسم الثقافية والوطنية والبيئية فرصتها في تحقيق ذلك.