بقلم: د. رجب بن علي العويسي | تشكّل المحميات الطبيعية المنتشرة في أرجاء عمان، بيئات سياحية جاذبة متنوعة داعمة لتعزيز البعد السياحي، نظرا لتنوع الحياة النباتية والبرية والمائية والصحراوية والجبلية والبحرية التي تحتضنها.
لذلك كان من الأهمية أن يكون لها حضورها في مفردات السياحة الوطنية، والبحث عن آليات مبتكرة تضمن تعزيز الاستثمار فيها، والاستغلال الأمثل لمواردها، وتقديم بيئات متجددة تتكيف مع الطبيعة الاحيائية والحيوية التي تكونت فيها، مع المحافظة عليها، وعدم المساس بها، أو تعريضها لمخاطر الصيد الجائر والتلوث الذي قد يلحق بالموارد التي تعيش فيها هذه الأحياء، وتكوين تحول إيجابي في سلوك المواطن والمقيم والسائح من الداخل أو الخارج، حول القيمة الجمالية والذائقة السياحية التي تحملها هذه البيئات، بحيث يجدون فيها فرصة سانحة للاستجمام باعتبارها ثروة وطنية، وقيمة اقتصادية استثمارية منتجة، وفرصة لقراءة التنوع البيئي والاحيائي عن قرب، فهي بالتالي مواطن سياحية، لتعزيز قوة البديل السياحي وتنويع بيئاته، ومنحى لتشجيع الدراسات البحثية الاستراتيجية من اكتشاف انواع أخرى من الحيوانات أو البيئات الطبيعية والصحراوية والجبلية والمائية والبحرية من خلال ما يرصده العلماء والباحثين، خاصة أن الكثير منها مسجلة في قوائم التراث المحلي والعالمي، ونظرا لكون المحميات الوطنية بيئات محددة الأبعاد جغرافيا، تفرض عليها الحماية بموجب مراسيم سلطانية سامية أو قرارات وزارية تنظيمية نافذة من المؤسسات المختصة، بتحديد الأبعاد الجغرافية للمحميات وقوانين إدارة موارد، فإن عمليات الاستثمار فيها يجب أن تسهم في إيجاد نوع من التوازن في البيئات السياحية الوطنية، عبر الاستثمار الامثل الواعي وفق معايير وأنظمة تحترم مواردها ، وتحفظ ثرواتها، وتراعي طبيعتها الجغرافية والمناخية، وخصوصية البيئة الثقافية والاجتماعية التي تتعايش فيها، وبالتالي أن تسهم عمليات الاستثمار فيها إلى بناء سلوك الوعي وثقافة المسؤولية نحوها، حفاظا على تلك الموارد من الاستغلال الجائر، وشمولية الاستخدام والانتفاع بها، وفتح المجال للاستثمار الخارجي والوطني والمبادرات الأهلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدخول في منافسات استثمارية مقننة تضمن تنوع البدائل الذي تضمن وجودها في بيئة آمنة خالية من الازعاج أو التهديد الذي يؤثر على حركة انتشار الحياة الاحيائية والبرية والطيور، وتعزيز التشريعات النافذة التي تتعامل مع أدق التفاصيل والممارسات التي قد تحصل من القائمين على هذه المشروعات أو غيرهم، وبالتالي أن يسبق هذه الجهود، رصد التوجهات والخبرات والتجارب الدولية والاقليمية في هذا الجانب والاستفادة منها في عملية الاستثمار الامثل في هذه المحميات بما يتناغم مع الغايات الوطنية والسياسات المحددة لهذه البيئات، والإطار الوطني الذي يرسم خريطة عملها وموقعها الاستراتيجي في البيئة الاحيائية العمانية ، وهو ما يضع المؤسسات المعنية كديوان البلاط السلطاني ووزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة السياحة وغيرها من الجهات، أمام صياغة أنموذج عمل واضح، يضمن تبني ادوات تواصلية مشتركة ، في رؤيتها لعمليات التطوير والاستثمار في هذه المحميات، وجملة المعايير المتعلقة بتوفر الدراسات المسحية التي تقرأها، وتراعي فيها مستويات التنوع والمرونة والكفاءة الانتاجية المتحققة، ودراسات الجدوى وطبيعة الاستثمار الممكنة، ومستوى اكتمال الخدمات اللوجستية لتسهيل حركة الوصول إليها، وعمليات التوعية والتثقيف وغيرها.
إنّ من شأن ذلك كله، أن يضمن تفاعل المجتمع مع هذه التوجهات والمبادرات ودعمها، بما يحقق رؤية السياحة الوطنية في تعزيز التنويع الاقتصادي.
Rajab.2020@hotmail.com