تكتبها: آمنة بنت محمد البلوشية|
تزخر الدول الخليجية بالعديد من الروايات والقصص والمسرحيات والتي تحمل تجليات كثيرة لا تعد ولا تحصى عن البيئة المحيطة، ولكن تكاسل بعض أقلام ومن لديهم مهارات (فن الكتابة والسيناريو) والتي أغلب الوقت تظهر في موسم شهر رمضان على كافة القنوات الخليجية، مسلسلات لا تحمل (أفكار أو مضمون) إنساني وكمشاهدين نبحث عبر قنوات عما يعيد شغف (القلب) لشاشات التلفزيونية ونجد تكرار (الأفكار) في بعض الدراما الخليجية وضعف البناء الفني التي لا تبهر الفكر ولا وتستقطب (قلب المشاهد).
بداية شاهدت الإعلان التسويقي لمسلسل (خريف القلب) وهو يجمع بين قامة فنية من المملكة العربية السعودية والخليج ومن بعض الدول العربية، نما في فكري مباشرة بأن المسلسل يمثل متنفسا فنيا بكل تجلياته الفنية.
(خريف القلب)، أول تجربة درامية سعودية مقتبسة من الدراما التركية وبالتحديد من مسلسل (حطام) وأعاد المؤلف علاء حمزة السيناريو والحوار لتقديم قالب درامي إنساني.
بدءا من (التصوير) وألية توصيل الموقف الدرامي والتفاصيل ما بين المفارقة المميزة التي تنفرد في ( تقاسيم ) الفنان عبدالمحسن النمر في دور (راشد) والفنانة إلهام علي في دور (نهلة) بشكل أكثر فعالية وإيجازا وتعبيرا، حين تتجاوز الكاميرا (الخطوط العريضة ) في التصوير لتكسوها بجمال ( المشاعر والحميمية بلغة لطيفة غير ناطقة) من تصاعد الموقف الدرامي (تحت المطر ) لنهلة ونظرتها وهي تقابل نظرة (راشد) وكأنها تحاكي عن مسار الأقدار اللطيفة برغم أن (الزمن) في المسلسل لم يكن موعدا بشكل مباشر إلا أن الإحساس الزمني) حاضرا بكل القوة الفنية بين حياة (نهلة) ـ قبل وبعد.
( الموقف الدرامي ) تحت المطر يذكرنا بكلمات الشاعر بدر شاكر السياب:
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
التصوير أتخذ أساليب فنية متعددة (الصورة تساوي ألف كلمة) الفكرة والمضمون الفني أوصل المعنى أو جوهره الأساسي بسلاسة لطيفة، للعلم هذا التصوير الفني غير مطبق في بعض الدول الخليجية أثناء تصوير المسلسلات الدرامية بشكل خاص. ويمكن تقديم هذا التعبير الصيني كمماثل لما قاله واطس: «العرض الواحد يساوي مئة قول ، أو كما قال نابليون بونابرت: «الرسم الجيد أفضل من الكلام الطويل». ظهرت التفاصيل الشاعرية المميزة، انفردت بها أوراق الخريف) حتى وهي أيلة لسقوط استلمتنا بطريقة غير مباشرة، إبداع الإخراج والتصوير وتصاعدية المكونات النفسية في الشخصيات الفنية واقتراب بعضها وكأنها تنسج خيالا أستفز مشاعرنا وداعب (الخريف) بقايا الغبار المتعلق في أرواح الشخصيات هنا أتاح الإخراج الفني للمسلسل فرصة لنعيش لحظة (دهشة) وحرر الموقف الدرامي مع إتاحة الحركة لتدخل منطقة (مشاعر ) هل لهذه الدرجة نحن نفتقد عنصر (التشويق والشغف) في مسلسلاتنا الخليجية؟. ( مجرد سؤال).
حتى الضجيج والصخب في موضوع (تبادل الطفلتين) في المسلسل كان مثل ورقة ناصعة البياض لم تنحدر الموقف الدرامي إلى هذه النقطة كثيرا مقابل المفارقة الدرامية لحالة الشعور بين ( راشد ـ نهلة)التي تناثرت واستطاعت أن تتفوق فنيا مذهلة وعانقتنا بشدة.
الكاتب علاء حمزة نجح في بناء الشخصيات الفنية واهتم في مكنونات النفس وتناسق وتوافق افعالها مع بعضها البعض برغم الوتيرة السريعة في الموقف الدرامي لكن ساهمت بأسلوبها الفني في تقدم الحبكة الفنية وتطور الموقف.
المكنونات النفسية للشخصيات قدمت المشاعر بطريقة مباشرة وأجادها (عبد المحسن النمر ـ وإلهام علي) وعلاقتهما كالمظلة تحت المطر وهذا ما جعل النص الدرامي مميزا. ومن جانب آخر(شوق / أمل) حالة المد والجرز.
أثناء نشر الإعلان المسبق لعرض المسلسل وتصريح المشاركين بأن هذا المسلسل نسخة سعودية بكل جماليتها حيث توقعت منظورا ثقافيا في المسلسل عبر رؤية أزياء من التراث السعودي والتي من المفترض تقديم تجربة من المجتمع السعودي لأنها تحظى بتراث وثقافة متعددة. وكان من الممكن تأخذنا الكاميرا بجولة فنية في طرقات وأماكن تسمو من العمل الفني.
وإلى هنا تنتهي آخر أوراق الخريف آلت لسقوط وأصدرت صدى بمنتهى البراعة. ونجح السيناريو بنثر نسمة داعبت نبض الروح وكان الحب والصحة أعظم من الغيرة والثروة.