مقال| أثر السياحة المستدامة.. التزام المواطن بمستقبل أكثر إشراقا 

يكتبه: خلف بن سليمان البحري| 

 السياحة المستدامة ليست مجرد مفهوم أو شعار يُرفع، بل هي رؤية شاملة تسعى لتحقيق توازن دقيق بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث الثقافي. 

في سلطنة عُمان، حيث الطبيعة البكر والتاريخ العريق، تبرز أهمية السياحة المستدامة كوسيلة للحفاظ على الجمال الطبيعي والثروة الثقافية للأجيال القادمة. وهنا يبرز دور المواطن كفاعل رئيسي في إنجاح هذه الرؤية، حيث تتجاوز مسؤوليته حدود الاستمتاع إلى الالتزام الواعي بالممارسات المستدامة. على المواطن العماني أن يدرك أن الحفاظ على البيئة ليس خيارا بل واجبا وطنيا. 

يبدأ هذا الواجب من خلال اتخاذ خطوات بسيطة لكنها مؤثرة، مثل الامتناع عن إلقاء النفايات في الأماكن الطبيعية، والتعامل مع المخلفات بطرق صديقة للبيئة. 

الأماكن الطبيعية في السلطنة، من شواطئها الساحرة إلى جبالها الشامخة، تستحق أن تُصان، ليس فقط لجمالها البصري بل أيضا لدورها الحيوي في دعم النظام البيئي. إلى جانب الحفاظ على البيئة، تُعد حماية المواقع التاريخية والتراثية مسؤولية أساسية. هذه المواقع ليست مجرد معالم سياحية، بل هي شواهد على الهوية العمانية وثقافتها العريقة. 

إن أي ضرر يلحق بهذه المواقع يُعتبر إضرارا بإرث الأمة. لذا، يجب على كل مواطن أن يكون حارسا أمينا لهذا التراث، من خلال احترام القوانين والضوابط التي تهدف إلى حماية هذه المواقع. 

وفي السياق نفسه، يُشكل دعم الصناعات التقليدية ركيزة أخرى لتحقيق السياحة المستدامة. الحرف اليدوية العمانية والمأكولات التقليدية ليست مجرد منتجات، بل هي قصص تُروى عن حضارة عريقة. من خلال دعم هذه الصناعات، سواء بشراء المنتجات المحلية أو الترويج لها بين السياح، يساهم المواطن في تعزيز الاقتصاد المحلي وضمان استمرارية هذه الفنون التي تعكس روح السلطنة. 

أما عن تعزيز الثقافة العمانية، فإن المواطن يُعتبر سفيرا غير رسمي لتراث بلاده، فمن خلال التعامل الراقي مع السياح، ونقل صورة مشرقة عن القيم العمانية الأصيلة، يساهم في نشر الوعي بأهمية التراث المحلي ودوره في تعزيز تجربة السياحة المستدامة. 

 وعلى الجانب العملي، تُعد الأنشطة التطوعية وسيلة فعالة لترسيخ مفهوم السياحة المستدامة. المشاركة في حملات تنظيف الشواطئ والمحميات، والمساهمة في تنظيم فعاليات توعوية تستهدف الزوار المحليين والدوليين، كلها خطوات تعزز من روح المسؤولية الجماعية وتُظهر أهمية العمل المشترك للحفاظ على الموارد.

 في النهاية، المواطن العماني ليس مجرد مستفيد من السياحة المستدامة، بل هو شريك أساسي في نجاحها، من خلال تبنيه الممارسات المستدامة، الأمر الذي يُسهم في بناء مستقبل يعكس جمال السلطنة الطبيعي وتراثها الثقافي. إن التزام المواطن بهذه الرؤية يجعل من السياحة المستدامة وسيلة لحفظ إرث الوطن ونقل رسالته الحضارية إلى العالم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*