جعلان بني بوعلي – سالم بن حمد الساعدي|
تعتبر محافظة جنوب الشرقية، الوجهة السياحية الرائعة من سلطنة عُمان، حيث تضم مجموعة من المعالم الطبيعية والتاريخية السياحة البحرية، فهي تتمتع بمميزات فريدة تجمع بين جمال المناظر الطبيعية وتاريخ عريق يعكس الهوية العمانية، والثقافة العمانية الأصيلة، كما تتمتع بسواحلها الخلابة التي تعتبر نقطة جذب رئيسية للزوار.
يمكن للزوار الاستمتاع بمجموعة من الأنشطة البحرية، وتكون فرصة لمحبي الغوص وركوب القوارب الشراعية وتزلج الامواج، حيث تضم عدة مناطق ساحلية رائعة، فمثل هذه المناطق الساحلية منطقة الرويس، وهي إحدى المناطق الساحلية الجميلة بولاية جعلان بني بوعلي والتي تطل على الشريط الساحلي لبحر العرب.
وهي ذات كثافة سكانية عالية، ومنطقة تتوسط القرى الساحلية الشمالية للولاية، وتعد منطقة الرويس واحدة من المناطق البحرية التي تتميز بموقعها البحري وبالنشاط الاقتصادي والتجاري حيث يعمل غالبية سكانها بمهنة الصيد والتي تعتبر من أهم المهن والحرف التي يمارسها سكان المنطقة منذ القدم وبما يملكونه من سفن وقوارب الصيد، بالإضافة الى أنها تعتبر من المناطق التي تتوفر فيها العديد من مصانع تصدير الأسماك العمانية بمختلف أنواعها مما جعلها من المناطق الساحلية التي تنشط بها الحركة التجارية والاقتصادية على مدار العام، بالاضافة إلى ذلك تعتبر الرويس من المناطق التي تصدر الملح البحري الطبيعي الغني باليود وبكميات كثيره.
تصدير الملح
وتعتبر (صبخة أوتيد) من أجود المناطق المصدرة للملح البحري الطبيعي والذي يستخدم في الاستخدام المنزلي ويصل الإنتاج اليومي من الملح البحري الطبيعي الي عشرة أطنان في اليوم الواحد. وقد قام مجموعة من الشباب العماني بالعمل في هذه المهنة حيث أنشأوا مصنعا لتصدير الملح البحري الطبيعي وتسويقه في السوق المحلي ويكثر الطلب عليه لدى أصحاب مصانع الأسماك وإنتاج الثلج، بالإضافة الى عرضه وبيعه لدى المحلات التجاريه بمختلف ولايات سلطنة عُمان، حيث يفضل المتسوق المحلي هذا المنتج الطبيعي. بالاضافة الى ذلك وجود عدد من الفنادق السياحية كمنتجع بيت الضيافة وفندق الرويس واستراحة المسافر.
تعتبر منطقة الرويس من ضمن المساحة الجغرافية لمحمية السلاحف بمحافظة جنوب الشرقية والتي تعد واحدة من أكبر المحميات في السلطنة والأكثر جذبا للسياح لطبيعتها الفريدة حيث تبلغ مساحتها 120 كيلومترا مربعا وتمتد من منطقة خور جراما بولاية صور إلى منطقة الرويس بولاية جعلان بني بوعلي.
لوحة فنية
وتتميز المنطقة بوجود ” البحيرات الوردية” التي تشكل لوحة فنية بديعة يستمتع بها الزائر والسائح بمنظرها الوردي البديع، وتعتبر مقصدا سياحيا في المنطقة وتشكل مشهدا استثنائيّا على الطريق في جهة الرويس.
وتتشكل هذه الظاهرة الطبيعية الجميلة (البحيرات الوردية) بفعل عوامل طبيعية بحرية وذلك عند دخول مياه البحر إلى الخور ويسمى” خور بندر الرويس” ومع مرور الوقت واحتباس هذه المياه في الخور عن مياه البحر تقل نسبة الأوكسجين وترتفع نسبة الملوحة في هذه البحيرة، مما ينتج عنها موت الطحالب والعوالق البحرية ويتغير لون المياه إلى اللون الوردي، ومياه البحيرات الوردية الزاهية لها أهمية خاصة لدى سكان منطقة الرويس وزوارها.
كما تعد البحيرات الوردية مصدر غذاء للطيور المهاجرة أشهرها طيور “الفلامنغو” والطيور المائية الأخرى. ويعتقد الكثيرون أن هذه الألوان المميزة التي تبدو مختلفة بين بقعة وأخرى هي نتيجة الرمل الملوّن الكامن في أسفلها؛ ولكن ما إن يضعوا أقدامهم في مياهها حتى يكتشفوا السر؛ لأنهم سيشعرون حينها ببلورات الملح الهائلة التي تحتويها، وسيدركون أن هذا المكان ليس مكاناً عاديا.
تبرير علمي
فالتبرير العلمي لهذه الألوان يعود إلى وجود هذه الكمية الهائلة من الأملاح، فتغير لون البحيرة ناتج عن نوع من الطحالب الدقيقة، حيث توجد نسبة عالية من الكارتنويدات في الماء، وهو ما تحتاجه هذه الطحالب للعيش وحماية نفسها من أشعة الشمس الحارقة، وبحسب علماء البيئة المحليين، أنه عندما يفيض الماء من المحيط ويتجمع في البحيرة تنخفض ملوحة المياه فيها، ما يؤدي إلى فقدانها اللون الوردي؛ ولكن ما تلبث أن تستعيد البحيرة لونها عقب بضعة أيام بعد أن تتركز فيها مجدداً كمية الملوحة العالية. بالاضافة الى وجود منتزه الرويس السياحي والذي كانت له جهود مشتركة وتعاون مباشر بين اهالي منطقة الرويس والجهات الحكومية متمثلة في بلدية جنوب الشرقية والقطاع الخاص متمثلة في شركة جلفار الهندسية حيث قام شباب المنطقة بالعمل الدؤوب بإنشاء هذا المنتزه والذي يتمثل في ازالة الحشائش وتسوية التربة وكبسها بتربة صالحة للزراعة وتشجير المنتزه باشجار فيكس فيكتوريا (رول ) وانارة المنتزه بأعمدة اناره وإقامة سور حول المنتزه وتمت مخاطبة الشركات العاملة في المحافظة كشركة الغاز الطبيعي المسال والشركة العمانية الهنديه للأسمدة وشركة طاقة لاقامة عدد من المظلات الخشبية وممر صحي لمسافة 2 كيلومتر واقامة دورات مياه وحديقة مصغرة للاطفال، وما زال المواطنون يطالبون بتطوير المنتزه السياحي ليواكب رؤية المحافطة وليكون متنفسا سياحيا يخدم الصالح العام.
وتولي محافظة جنوب الشرقية اهتماما كبيرا لمفهوم السياحة المستدامة، وتسعى الجهات المعنية إلى تحقيق التوازن بين تعزيز السياحة وحماية البيئة، وتشجع المقيمين والزوار على المشاركة في الأنشطة الترفيهية التي تلبي جميع الأذواق، ويمكن للزوار الاستمتاع بالتخييم تحت النجوم في الشريط الساحلي لبحر العرب، أو يمكن لعشاق الغوص الاستمتاع بجمال الشعاب المرجانية في المياه المحيطة من بحر العرب.
مشاريع خدمية
والتقت “وجهات” بالمواطن محمد بن مبارك الساعدي احد سكان المنطقة، وقال: تعتبر منطقة الرويس من المناطق الساحلية السياحية الفريدة من نوعها في الجزء الشمالي من الولاية وتحتاج الى الاهتمام من المشاريع الخدمية التي توليها المحافظة لتطوير مشاريعها التنموية في المحافظة، فإذا نظرنا الى الاحتياجات التي تحتاجها المنطقة من الخدمات الاساسية والضرورية الملحة والتي يطالب بها سكان المنطقة عدم توفر مرسى للصيادين وهذا ما نعاني منه نحن كصيادين من إرتفاع الموج، ولا يوجد في المنطقة مرسى بحري أو ميناء يحمي هؤلاء الصيادين من مخاطر الأمواج العاتية، وطبيعة البحر في معظم الأوقات يكون هائجا والناس هنا مصدر رزقهم هو البحر، ولذلك نطالب وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالاسراع في تنفيذ مرسى للصيادين في المنطقة، وكذلك أيضا هناك مطالبات بتوفير خدمات البنية التحتية والتي تلبي رغبات المواطن والزائر لهذه المنطقة.
وتظل محافظة جنوب الشرقية واحدة من الوجهات السياحية الأكثر تنوعا في سلطنة عُمان، حيث تجمع بين الجمال الطبيعي والتراث الثقافي العريق، ونحن كمواطنين نشجع الزوار على استكشاف هذه المناطق الساحلية الغنية بروعة مناظرها الخلابة وسحر جمالها واستغلال الفرص المتاحة للتعرف على جمال الطبيعة الرباني.
خطوة استراتيجية
وتعتبر الاستراتيجية العمرانية لمحافظة جنوب الشرقية والتي تمثل خطوة استراتيجية من أجل تحسين البيئة العمرانية وإعادة تخطيط الأحياء لجعلها نابضة بالحياة وأكثر استدامة وجاذبة للسكان والزوار لتتوافق مع المخططات العمرانية الحديثة والمتطورة الموائمة للمخطط الإقليمي لمحافظة جنوب الشرقية، فإن أهم ملامح الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية للمحافظة تهدف إلى تحسين وتطوير التصنيع الغذائي، وصيد الأسماك، والاستزراع السمكي، والزراعة المائية والسياحة البحرية وإقامة المشروعات الاقتصادية المتنوعة، والتركيز على القطاع السياحي الاقتصادي ، وتقديم الخدمات السياحية وتحسين الأماكن العامة والمساحات المفتوحة وفق مراحل متعددة لتصبح أكثر جمالاً وحيوية، ومصدر جذب للزوار، إضافة إلى الاهتمام بالمناطق ذات الطبيعة الخاصة البحرية والبرية التي تتميز بها ولايات المحافظة. بالاضافة إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية تهدف إلى تحقيق تنمية أكثر توازنا حيث تعمل على تعزيز الاستدامة البيئية وتحسينها، الأمر الذي يؤدي إلى توفير فرص عمل في مختلف المراكز بناء على إمكاناتها التنموية.